12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل المقصود.. إفلات مصر وتخريبها ؟

30 يناير 2014

في برنامج حواري سألتُ الصحافية المعروفة وعضو حزب التجمع الشيوعي المصري والداعمة للسيسي "فريدة النقاش" جملة من الأسئلة.. لم تجبني عليها.. وأعيد طرحها هنا على كل من يوافق على ترشيح السيسي لرئاسة جمهورية مصر العربية وكل من لا يتصور حالها ومآلها واحتياجها.. فأقول: إذا كانت مصر اليوم بحاجة لمخلص يرفع عنها الفتنة الطائفية والسياسية والحزبية، ويعيد إليها لحمتها، فهل يمكن أن يكون هذا المخلّص هو المنقلب على شعبه، المنحاز لفئة على أخرى، والقاتل آلاف الساجدين القانتين السلميين، والحارق المساجد، والمتحالف مع رجل الأعمال الإشكالي المنفضحة صليبيته وطائفيته "نجيب سويرس" مؤسس حزب المصريين الأحرار، الذي وضع ذات مرة - في تهكم على الإسلام وسخرية من المسلمين - صورة يظهر فيها ميكي ملتحيا وبجانبه ميني منقبة؟ وإذا كانت مكانة مصر قد انكسرت صورتها أمام الصديق والعدو، وارتكست في الحضيض لدى القريب والبعيد، وانهارت مكانتها داخليا وعالميا، حتى صارت لا تعترف بنظامها دول صغيرة بحجم (القمّلة) وصارت بحاجة لدعم دول صغيرة أيضا بحجم (العقرب) وصارت لا تدعى لاجتماعات الاتحاد الإفريقي الذي هو الأقربون والأولى بالمعروف؛ فهل يصلح لزعامتها رجل ينادي عليه الصغير والكبير من شعبه من إسلاميين وغير إسلاميين في الميادين بالخائن والعميل والقاتل والكذاب، ويعيرونه باسمه ونسبته، ويتهكمون على خطاباته، ويرصدون عثراته؟ وهل من هذا حاله يصلح أن يكون عضوا في مجلس الشعب أو رئيسا لبلدية أو حتى عمدة، فضلا عن أن يكون رئيسا لمصر؟ ولئن حصل وتولى مقاليد مصر بتاريخها وواقعها وأزماتها مدفوعا من خصوم الإخوان في الداخل وأعداء مصر في الخارج؛ فأنى له أن يكون رافعا لها وطنيا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا؟ وبأي منطق أو أدوات سيستعيد مكانتها بين الأمم؟ وإذا كانت مصر وهذه حالها بحاجة لمبدع يحمل أملا للمستقبل، ولديه رؤية بعيدة وخيارات كثيرة؛ ويملك حيلا يقودها بها في (بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) تلاطمه أمواجه، وتقصفه مهلكاته ؛ فما الذي لدى السيسي جديدا، وقد رأيناه يتصدر المشهد منذ أكثر من سبعة أشهر؛ وما رأيناه إلا يجرجر مصر من أزمة إلى أزمة ، ومن بلية لأكبر منها ، حتى غدت مرتعا لكل مخابرات الدنيا، وحتى غطت الدماء الزكية سوحها، ووشح السواد البليد وجهها، وأصبحت بين حافة الانتحار والانهيار وهاوية الحرب الأهلية، وحتى تبعثرت معاني وحدتها الوطنية، وحتى قال قائل أنصار الفتنة المتهرئين في حب السيسي يخاطب من صاروا أعداءه من شعبه: (إحنا شعب وأنتو شعب ، ولينا رب وليكم رب)؟ وإذا كانت ثورة 25 يناير إنما انطلقت لتخلع من كان يعتبره العدو كنزه الاستراتيجي ؛ فهل السيسي هو الأمل الممدود واللواء المعقود في هذا وهو الذي مذ وطئت قدمه الانقلاب لا هم له ولأبواقه الإعلامية إلا الكذب وإلا الافتراء على حماس – التي هي من هي في مواجهة العدو وقلب موازين الصراع لصالح شعبها – وإلا شيطنتها والتهديد بخلعها وقتلها وتصبيحها وتمسيتها بالصواريخ؟ وهل يكون مؤتمنا على مصر من تضع صحيفة ”معاريف” الصهيونية (الإسرائيلية) على غلافها صورته، وتصفه بـ "البطل الذي استعاد مصر من قبضة الإسلاميين إلى أحضاننا من جديد!!" وهل مؤتمن على مصر من تختاره مجلة "جروزاليم بوست" الصهيونية (الإسرائيلية أيضا ) شخصية العام للشئون الإقليمية؟ وإذا كانت أنشودة ثورة 25 يناير (عيش حرية عدالة اجتماعية) فهل يعول في تحقيق ذلك من قمع الخصوم، وأغلق منافذ الرأي، ومن لسان حاله ما قال فرعون الأول (ما أريكم إلا ما أرى)؟ ومن أحد أعمدة انقلابه وأركان غدره – رئيس نادي القضاة أحمد الزند – الذي لم يخجل أن يقول على الملأ وأمام الدنيا كلها "نحن الأسياد وسوانا العبيد"! وهدد بأنه سيحرق قلب خصومه، والذي سيّس القضاء، وجعله فئة متسابقة على الحكم وعلى مداهنة الباطل؟ قد يفكر أنصار السيسي وأنصار ترشيحه في دواخلهم بنظرية (لا ينجينا من الإخوان إلا رجل بقوة السيسي) أو بمنطق (ليس مبارك أفضل حالا من السيسي ومع ذلك استطاع أن يحكم مصر لثلاثين سنة).. وأقول تاركا جانيا في هذه اللحظة كل ما تعنيه هذه المقولات من خراب في القيم وانقلاب على الثورة.. أما النجاة من الإخوان فيمكن وحتى بمنطقكم الاستئصالي أن تختاروا رجلا غير إشكالي ومنسجم مع الوحدة والمصالحة ؛ ومن يدري فلعله يقع عليه التوافق الذي لا تتوقعونه فتنجو البلاد من هلاك لا تتخيلونه.. وأما أن مبارك استطاع.. فمبارك قد بدأ فساده واستبداده وخياناته بعد أن صار رئيسا وليس قبل ذلك، وبعد أن ملك الأمر من أعلاه إلى أدناه وليس قبل ذلك.. ثم إنه - مبارك ذاته - لم يصمد أمام ثورة شعبه أكثر من ثمانية عشر يوما.. فانظروا الأمر من وجهيه وضعوه في نصابه.. آخر القول: وبكثير من الهدوء وبعميق من الفكر، وبعيدا عن أي مساجلات.. قد بدأت أخشى أن القوم – أنصار الرجل وأعداء مصر على السواء – ليس ينصبون مرشحا بقدر ما استقر في وجدانهم أن الطريق الوحيد للحؤول دون عودة مصر للثورة والفكر الثوري والإخوان والفكر الإسلامي هو إفلاتها وتخريبها.