12 سبتمبر 2025
تسجيلتختلف حاجات البشر وتتنوع مابين المادية والمعنوية. الذاتية والاجتماعية وتتشكل مع مرور الوقت كقيمة في نفس الإنسان تهيمن على تفاصيل حياته.ويغالي البعض في الجدية حتى يتناسى المرونة الحياتية التي تفرضها متغيرات الحياة فيفقد بذلك مراحل ومحطات في حياته متجاهلا ذاته الإنسانية المتطلبة والراغبة للتغير لا لشيء إلا لمتعة التغيير نفسه. وبينما يهمش البعض حاجاته النفسية ويضيق الحياة بالنظرة المتطرفة والحادة التي تشكل له مخزون عالي من الإنهاك والإجهاد. نرى على النقيض من يتمادى في إشباع رغباته الآنية المعقولة منها والمتناقضة مع المعايير المتزنة ويسرف فى تلبية الحاجات دون حدود أو ضوابط ودون خطوط ثابتة ترسم له منهج في الحياة.ومابين الفريقين تتولد إشكالية الموازنة. فعندما يفقد الإنسان تلك الموازنة الفطرية فإنه يقع في أزمة إدارة الذات وفهمها وبالتالي يخسر كيفية التعامل مع حقوقها وواجباتها.لقد خلق الله الإنسان كيانا متكاملا يستحيل فصل احتياجاته ويتعذر تحجيمه داخل أطر صارمة أو مائعة يصعب عليه الحد منها. وكما يجد الكثير راحته في مقدار ما يقدمه من أعمال تشعره بقيمته وأهميته يفتقد البعض استشعار المتعة عندما لا يوافق بين مستوى عطائه وجهده وبين استكشاف مواطن رفاهيته وتحقيق مستوى عالي من النقاهة النفسية _ إن صح التعبير.ولقد أشارت مجمل الدراسات النفسية أن العمل الذي يتخلله راحة هو بمثابة رحلة مستمرة من تحقيق النجاحات المختلفة. وفي المقابل فإن افتقاد الإنسان للهدف وعدم إلزام نفسه بأعمال فردية تحقق له مكاسب اجتماعية حيوية يفقده لذة متعة الحياة مهما كانت إمكاناته المادية أو الشخصية.ومن ذلك يتضح أن المتعة في أصلها حاجة يشكلها دافع وبالتالي فلاحياه متناغمة متكيفة من دون أهداف عملية يتخللها متعة ناعمة تتوافق مع الطبيعة البشرية السوية.وكما أن للأداء والإنجاز مهارات يتحقق من خلالها الرضا. فإن للمتعة تقنيات يتحقق معها الصفاء الذهني والاستقرار النفسي والراحة الجسدية.ولعل الأزمة الحقيقية التي يهمني طرحها هنا: هي إساءة البعض التعامل مع أوقات المتعة والاستجمام . حيث يفشل البعض في استثمار أوقات فراغه ويختصره بجملة (أنها مملة) ولعل ذلك يشير إلى ما يلي:* استنكار الذات والجري عبثاً وراء تحقيق المكاسب المادية وتجاهل الجانب المعنوي.* الفقد بكل أشكاله: إن الشخص الذي تعرض لفقد رمز في حياته سواء كان شخصاً أو مكانة يتجنب لحظات الاسترخاء لأنه من خلالها يسترجع مواقف القلق والإحباط.* القلق : حيث يفتقد الشخص القلق الراحة ولا يجيد التعامل مع لحظات الراحة خوفا من شعوره بالتقصير أو وصفه بالإهمال.إن إدارة المتعة تعتمد في المقام الأول على تقبل المتعة كمفهوم وحاجة ورغبة ونشاط حيوي نفسي يكتسب من خلالها الفرد خبرات جديدة فى التعامل مع الذات والآخرين. فكلما منح الإنسان نفسه فرصة اللقاء مع معها في مواقف تأمل واسترخاء كلما كان أكثر اطلاعاً على جديد أفكاره وأهدافه، ويمكن تلخيص فنيات إدارة المتعة بالنقاط التالية:* أن تؤمن أن ليس أفضل العمل هو أكثره عدداً وإنما أفضله اتقاناً.* بعض الممارسات تبدو صعبة فى بدايتها ولكن مع المحاولة والتجارب تصبح أسلوب في الحياة.* أنت الشخص الوحيد الذي تعلم ما يناسب ميولك واحتياجاتك فلا تحاول أن تتبع الآخرين أو تتقمص أدوارهم وسلوكهم بما لا يتوافق مع سماتك وتكوينك الخاص.* اختر لنفسك التغيرات التي تعبر عما تريده أنت.* العطاء مشروع لا يتجزأ: فكما تعطي لذاتك بهجة العمل فهي تستحق التنزه في متع الحياة ضمن ضوابط الشرع والعرف.* المتعة ليست مهمة عليك إنجازها وإنما حاجة عليك إشباعها.* جوهر المتعة هو أن تتحرر من حجم الضغوط وأنت تشعر أنك تستحق ذلك فعلاً.* وفي رؤيتي النفسية أن الاستمتاع الحقيقي هو أن تصطحب في رحلتك المبتهجة من يتوافق معك فكرياً ونفسياً. يحتضن احتياجك ويتفهم اهتماماتك.* تصرف كما لو كنت سعيداً. فإن لم تكن تعتاد المتعة فستجد صعوبة في ممارستها في بداية الأمر.بروفسور واستشاري الطب النفسي