30 سبتمبر 2025
تسجيلالموازنة بين الابتكار والاستقرار يفرض التعامل مع كلا القطبين بوعي وفي التوقيت المناسب، وعدم تغليب طرف على الطرف الآخر، فمقدار حاجة المؤسسات للاستقرار من خلال وضع السياسات والتوصيات والإجراءات بقدر ما تحتاج المؤسسة للتطوير والابتكار، أما في المنتج أو في الخدمات التي تقدمها للجمهور، كما أن بنية المؤسسة تحتاج إلى تجديد من هيكلة وإعادة هيكلتها وتنظيم وإعادة تنظيم وهذا يجعل كلا قطبي عمل المؤسسة ضاغطا معظم الوقت ولكن بميزان، فلا زيادة في تنظيم وإعادة تنظيم للمؤسسة فذلك يدخل المؤسسة في نفق عدم الاستقرار، ولا توضع بنية المؤسسة وكأنها دائمة، فالظروف تتغير والأهداف تتغير ولابد من تطوير عمل المؤسسة ومواكبة التطورات في البيئة من حولها، وفي حال لم يتم التعامل مع الجانب التنظيمي أو ما ندعوه بالتنميط على أساس اعتماد عنصري الابتكار والتطوير، فإنه سيجرنا لطريق مسدود ونتيجة معلومة مسبقا، وهي عدم قدرة المؤسسات وبسبب طبيعتها الإجرائية على إنتاج المستقبل، بل يعتبر المستقبل ملكا ولو جزئيا لمؤسسات المستقبل وللأجيال القادمة وتلك سنة الحياة ولكن من أجل أن تستمر المؤسسات القائمة يجب عليها إدخال عنصر التغير في صلب عملها، حيث يقوم القطاع الخاص على الإبداع والابتكار وتحويل الأفكار لمنتجات تقدم ما يفيد الجمهور. والسوق تقوم على المنتجات وهي الطاقة المحركة للاقتصاد والتنمية الذاتية، فالبحث والتطوير هما أهم مؤشرين لمدى نجاح أي شركة وقدرتها على البقاء والنمو، فالمنافسة الحقيقية هي ما نرى اليوم من تزاحم بين شركة أبل وسامسونج في قطاع الهواتف المحمولة، وغيرها من المنتجات والتقدم أو التراجع بينهما هو مدى ما يقدمان من منتجات توفر للجمهور أدوات أو تقنيات تنفعه في عمله أو تواصله مع الأصدقاء والعائلة، وقدرته من خلال تلك المنتجات على القيام بعمله أو الحصول على المعلومات والأخبار، وكلما كانت العملية أسهل وأبسط كلما اتجه العملاء لتلك المنتجات، وقد بذل المنظرون في الإدارة لجعل عامل التغير بنية أساسية في هيكل المؤسسة في شكل إدارة الأبحاث والتطوير، ولكن هذا الكلام فيه شيء من التناقض حيث جعل التغير بنية ثابتة وروتينية هو مناقض لروح التغير، ولكن لأهمية عامل التغير في عمل المؤسسات كان لابد من وضع التغيير موضع تستطيع الإدارة معه التعامل مع الواقع المتقلب لعالم الأعمال والذي يعتمد على أذواق ورغبات المستهلكين مع مرور الزمن والتحولات في مناخ الموضة والتقنيات والمنتجات الجديدة، كل هذا يجعل من عامل التغير عاملا أساسيا في الإدارة، ولذلك هو مسألة إدارة التغير والتعامل معه، ولكن حتى الآن مازالت الإنسانية غير قادرة على فهم التغير والتعامل معه بشكل واف، كما قلنا وقد وعي الإداريون على أهمية عامل التغير ولكن نرى أن الأمم تسقط بسبب التغير من اليابان إلى بريطانيا والشركات مهما كانت عريقة فهي مع الوقت تفقد القدرة على التعامل مع التغير فتراها تتهاوى مع دورات التاريخ ودورات الأعمال وفي زمن الأزمات تفقد قدرتها فتذروها الرياح، عامل التغير والتطوير يجب إنشاؤه في فترة صياغة المؤسسة، إن كانت فردية فإن رجل الأعمال أو المبادر سوف يطبع سمته وشخصيته على المؤسسة، بشكل طبيعي وقد يكون بشكل عفوي، أما في حال المؤسسات المقامة من قبل مؤسسات، فهي مطالبة بنسج عناصر التغير ومفاهيمه في كيان المؤسسة الجديدة، وحياكة ثقافتها لتكون مرنة وتتجاوب والمتغيرات البيئية ومناخ الأعمال والتكيف وقيادته في مراحل التحول، وعند حدوث الأزمات وعند الحاجة لتغير دفة المؤسسة من أجل البقاء، وتزاحم المؤسسات عامل رئيسي في صيانة الاقتصاد وتجديد بيئة الأعمال، والنظام الاقتصادي يعتمد على المنافسة والمنافسة تعتمد على التحديث والتطوير والابتكار في الخدمات أو المنتجات أو أساليب الإدارة أو أساليب الإنتاج، هكذا تستمر الحياة، والأمم عامة تنجح أو تفشل بمدى تعاملها مع عامل التغير والتطوير، ومن اللافت للنظر أن نرى المؤسسات التي تعتمد النمطية والروتين في صلب عملها تحتاج التغير بنفس المقدار، وتأتي الحكومات والمؤسسات الكبيرة في هذا السياق، وقد يكون هناك تناسب طردي بين حجم المؤسسة ومدى ميلها لتنميط العمل ووضع الإجراءات والسياسات والوصف الوظيفي وغيرها من آليات لتسيير وتسهيل جريان العمل فيها، وفي هذا المنحى تأتي أيضا طبيعة عمل المؤسسة وأسباب إنشائها، أي أن محطات الكهرباء وتحلية المياه هي بطبيعتها تعتمد الروتين والاستقرار والعمل طويل المدى في صلب عملها، أما الشركات الصغيرة والتي تتعامل مع الجمهور بشكل مباشر فهي معرضة للتغير بشكل أكبر، وتحتاج مهارات التعامل معه بشكل أكبر، ونرى التغير في عالم التكنولوجيا بشكل واضح، وفي حال عدم قدرة المؤسسة على التعامل مع عامل التغيير ستسقط المؤسسة كما سقطت الأنظمة العربية في زمن الربيع العربي.