22 سبتمبر 2025

تسجيل

من يحمي معتقلي الثورة السورية من وحوش الغابة؟ 2-2

30 يناير 2012

لك الله – وحده – يا شعب سورية الحر الأبي المصابر، لقد ضرب الأحرار منك ومازالوا أفانين التضحية والشجاعة النادرة في سبيل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، خاصة بما قدموا ويقدمون من مواقف بطولية في سجون العصابة الباغية والنظام الدموي المتجبر ولعل القارئ المتابع يطلع على بعض ما كتب من إجرام الفراعنة الجدد بحق الأبرار ليزداد قناعة أن هذه الطغمة المتحكمة قد فاقت بظلمها الفظيع نيرون وهولاكو ومحاكم التفتيش، فكتاب حماة مأساة العصر لجملة من الكاتبين يتحدث عن تلك المجزرة الرهيبة التي اقترفها الأب حافظ الأسد في تلك المدينة الباسلة على مدى شهر كامل في 2/2/1982م، حتى راح ضحيتها أكثر من أربعين الف شهيد وشهيدة ناهيك عن تخريب 77 مسجدا و4 كنائس واعتداء صارخ على الممتلكات والآثار حتى التي بناها الرومان قبل الإسلام، وها هو النظام الفاسد الجهنمي يستأسد اليوم ويضرب حماة، خاصة حي الحميدية وباب القبلي ويعتقل أكثر من 600 برئ ويقتل العشرات منهم ثم يخرجهم من السجون مكبلين ويرميهم قتلى في الطرقات والتعذيب الوحشي أكبر دليل على بربريته بل قتل عشرات الأطفال هذا الأسبوع وكأن الوحش الكاسر يريد ألا يتذكر الحمويون ما حل بهم فيمنع الأبناء ويقتلهم بشار الابن كما قتل والده الآباء.. ولكن الله تعالى وجنوده المؤمنين أكبر من كل شيء مقاومة وصبرا وصمودا وتحديا، ثم اقرأ كتاب مجزرة حماة للمرحوم جابر رزق لتعرف هول الكارثة الجسيم ثم انتقل إلى كتاب شاهد ومشهود لمؤلفه محمد سليم حماد لترى الفظائع المنقطعة النظير، حيث يحدثك المؤلف الذي سجن مع شهداء سجن تدمر الصحراوي وكل لوحة دم تقطر منهم تقتلك حسرة وأسى، ثم ارجع وتابع كتاب حمامات الدم في سجن تدمر لعبدالله الناجي لتزداد نحيبا على الأطهار وتزداد تصميما على نصرة الحق وأهله، ثم تأمل الجرح النازف في رواية "ما لا ترونه" للأديب سليم عبدالقادر ليشتعل رأسك شيبا وزد معها رواية ملائكة وشياطين لياسر الخطيب لتقلب على جمر الأحزان وتعرف من الملائكة وما الشياطين؟ ولا تنس أبدا أن تطلع على رواية "القوقعة" لمصطفى خليفة وطبعا هو اسم مستعار لسجين مسيحي في سجن تدمر واعتقل فور زيارة له إلى بلده دمشق قادما من فرنسا، حيث كان يدرس هناك وكتب فيه تقرير بأنه انتقد فخامة الرئيس حافظ فقضى أحد عشر عاما في السجن وقال: إنني لم أدخل الإسلام ولكن رأيت في السجن ملائكة ولم أر بشراً ورأيت شياطين في أشكال البشر، لقد روى روايته ميدانيا من ثقب كان يتلصص منه ليشاهد المجازر والدماء والأشلاء في سجن تدمر، والكتاب مخزن على الإنترنت لمن شاء الاطلاع أما عن سجن النساء فاقرأ كتاب "خمس دقائق تسع سنين" للكاتبة هبة الدباغ التي اعتقلوها وهي طالبة في جامعة دمشق ووعدوها بخمس دقائق من التحقيق فإذا بها تسع سنوات تروي فيها عن سجن النساء ما تشيب لهوله الولدان والكتاب مترجم إلى عدة لغات: هؤلاء هم دعاة المقاومة والممانعة ضد شعوبهم طبعا وأرانب وحمامات مع الكيان الصهيوني الذي يصر اليوم على إبقائهم لأنهم لم يتعرضوا له بأذى منذ أربعة عقود ليتفرغوا لقتل الشعب وسلبه الحرية والكرامة. إن كل سوري حر اليوم يعيش في وطن من الانتفاضة والثورة والنخوة حيث نبابه وطن المجرمين الذين أطلوا أشد من الغول استبدادا واستعبادا وفسادا وشرعنوا السلطة لأنفسهم بكل ما تهواه ولكن شمس الحقيقة لن تغطى بغربالهم ان الاعتداء على الإنسان باعتقاله ثم سلبه حقوقه في السجن شرع الغاب لا أولي الألباب مهما كان السجين وقد كتب العلامة محمد الغزالي رحمه الله في كتابه "حقوق الإنسان" ص 11-13 ان قدر الإنسان في الإسلام رفيع رغم الأخطاء إن وجدت ولكن كرامة الجنس البشري لا تسقط بها واقترح ان تصدر وثيقة اسلامية معاصرة لحقوق الإنسان عامة والسجناء خاصة بعد أن طرقت الأمم المتحدة مجموعة من المبادئ المتعلقة بحقوق الأشخاص المحتجزين والمسجونين وحرمانهم من الحقوق مع عدم محاسبة من يسجنهم. أقول: أليس السوريون جزءا من المجتمع الدولي فإلى متى تطول فترة امتهانهم وخاصة السجناء ومتى سيتحمل هذا المجتمع مسؤولياته؟ أينتظر المتفرجون إصلاحات بشار الصورية أم يتناغمون مع إسرائيل التي مازالت تصر على بقائه أم ينتظرون الكفة الراجحة ليركبوا الموجة؟ إن السجين إنسان كغيره له من الحقوق ما يوجب شرع السماء والأرض صونها فإذا عرفنا بعض ما عاناه السوريون وما يعانونه في السجون رثينا لحالهم وهل يجوز أن نلحن نغمة النظام النشاز بعدم التدخل في شؤون الداخلية وحفظا لسيادة الوطن بأن يداس الشعب ويقتل ويعتقل ويسحل دون رادع لقد بدأت الاحتجاجات في الشام منذ أحد عشر شهر تقريبا والاعتداء مستمر على المعتقلين في عقيدتهم التي هي أغلى ما يملكون وأجبر العديد من المعتقلين على ترديد إجباري لهتاف لا إله إلا بشار الأسد، لا إله إلا ماهر الأسد وأخذ بعضهم بالرخصة وقتل من أخذ بالعزيمة رغم الضرب المتواصل، لقد قيل: قولوا: ربنا بشار فقالوا: ربنا الله لقد قيل: أنتم أبناء عائشة الزانية! (زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم) لقد قيل أنتم عددكم كثير ونحن عددنا قليل: سنجعل الألف منكم واحدا! فحدثوني من هم الطائفيون ولا غرابة بمثل ذلك أن تقف معهم إيران وحزب الله والمالكي. أين حق السجين في رميه بمكان مجهول وعدم اخبار أهله بمكانه وأين حقه في منعه من الطعام والشراب للتجويع والتعطيش إلا ما قد يبقى على رمق من الحياة بل مات البعض من ذلك، أين حقه في حفظه من الإهانة والسب في عرضه وشرفه، أين حرمانه من حقه من المحاكمة المستعجلة والتظلم؟ لكن لا شك أن الذي يعتقل الصلحاء لا يملك مثل هذه المبادئ، أين حقه في الحبس بمكان صالح المرافق فقد ذكر أحد من أفرج عنهم مؤخراً أن ماء الصرف الصحي بقي يومين يجري على السجناء دون إصلاح، أين الحق بوجود هيئة قضائية نزيهة تترافع عنه، ولكن كيف إذا استوى الخصم والحكم؟ أين فصل سجن النساء عن الرجال فقد كلمني أحدهم وأقسم على ذلك أنهم كانوا في سجن مختلط مؤكدا أن الحكومة لا تراعي الحرمات أبدا. نعم أقول ومن قرأ كتاب هبة الدباغ عرف تفاصيل أخلاق هؤلاء وعرف لماذا قال بشار مؤخراً إن أزمتنا في سورية أزمة أخلاقية، فياله من معلم أخلاقي. أين حق السجين المريض في المعالجة وبالطبيب المناسب، عفوا إذا كان الأطباء الأحرار يقتلون فما بالك بالجرحى، قبل أيام سجنوا طبيبا من آل الطايع في اللاذقية ثم أحرقوا منزله فاستشهدت زوجته وأولاده. أين حق السجين بعدم ضربه وخاصة على وجهه ورأسه والتمثيل بأعضاء الجسم مات السجين أم لم يمت سيما أنه مات تحت التعذيب من الشهداء أكثر من 375 شابا وشيخا، ناهيك عن الأطفال من مثل حمزة الخطيب والنساء كزينب الحصني وغيرهما بعد التقطيع والاعتداء والتعذيب بالكهرباء والبرد القارس وأشياء نعف عن ذكرها. وطبعاً لم يحدث سابقا ولا اليوم أي تعويض مادي أو معنوي لأي سجين أطلق سراحه وهم نزر يسير جدا ولم يعتذر لأي منهم رداً لأي اعتبار قال أبو يوسف القاضي في كتابه الخراج ص 151: ظهر المؤمن حمى إلا عن حق فأين أنت يا فريق أول محمد الدابي عن حقوق السجناء ومتى يصحو ضميرك؟ ولكن لابد من يوم يشرق فيه الأمل وتبيض السجون ويصبح السجان مسجونا، قريباً قريباً بعون الله.