11 سبتمبر 2025

تسجيل

ملامح التغير في البيانات المصرفية للعام الماضي "2 — 2"

30 يناير 2011

عرضت فى مقال سابق لملامح التغير فى البيانات المصرفية للشهور الأحد عشر الأولى من عام 2010، وبخاصة ما طرأ على موجودات ومطلوبات البنوك التجارية فى دولة قطر فى العام المنصرم من تغير من واقع ما كشفت عنه بيانات الميزانيات الشهرية المجمعة للبنوك فى الفترة ما بين ديسمبر 2009 حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي. وبعد صدور بيانات شهر ديسمبر 2010، تكون الصور الاجمالية للبيانات المصرفية فى عام 2010 قد اكتملت وبات من الممكن بيانها للمهتمين، باعتبار أن التغيرات فى أرقام البنوك تعكس فى وقت مبكر حقيقة ما طرأ على الاقتصاد القطرى من نمو من حيث انها تمثل الوجه النقدى لما انتجه المجتمع من سلع وخدمات. وبداية أشير الى أن موجودات ومطلوبات البنوك مجتمعة قد ارتفعت فى عام 2010 بمقدار 100.3 مليار ريال وبنسبة 21.3 % عما كان عليه الحال فى ديسمبر 2009 لتصل الى 571.5 مليار ريال، وهو ما ينسجم مع معدل نمو الاقتصاد القطرى فى نفس السنة. فمن أين جاءت هذه الزيادة وكيف تم توظيفها؟ تظهر المقارنة بين أرقام شهرى ديسمبر 2009 وديسمبر 2010 ما يلي: • أن نحو 48.7 مليار ريال من الزيادة فى جانب المطلوبات قد كانت من نصيب ودائع القطاع الخاص، التى ارتفعت الى مستوى 205.4 مليار ريال (بزيادة سنوية 31.1 %) بينما زادت ودائع الحكومة والقطاع العام بنحو 3.9 مليار ريال الى 72.1 مليار ريال، وزادت ودائع غير المقيمين بنحو 7.7 مليار ريال الى 29.7 مليار ريال. وبالمجمل فان الودائع بأنواعها قد زادت بنحو 59.9 مليار ريال وبنسبة 24.3 %، وبما يعادل 59.7 % من اجمالى الزيادة فى المطلوبات. ومن جهة أخرى وفرت الزيادة فى ودائع البنوك الخارجية لدى البنوك المحلية ما مقداره 17.9 مليار ريال من اجمالى الزيادة فى المطلوبات، ليرتفع رصيد تلك الودائع الى 97.1 مليار ريال. كما بلغت الزيادة فى حسابات رأس المال نحو 9.8 مليار ريال وزاد رصيد السندات المصدرة للغير(ديون) بمقدار 5.1 مليار ريال. • وفى المقابل فان الزيادة بمقدار 100.3 مليار ريال فى جانب موجودات البنوك قد تم توظيفها فى عدة بنود أهمها 44.7 مليار ريال فى قروض داخل وخارج قطر؛ منها 41.8 مليار محلياً و2.9 مليار خارج قطر. وقد استحوذت الحكومة والقطاع العام على نحو 28.7 مليار من تلك الزيادة، بحيث ارتفع رصيد الائتمان الممنوح للحكومة والقطاع العام الى 103.1 مليار ريال (بزيادة سنوية نسبتها 38.6 %)، فيما حصل القطاع الخاص على 14.6 مليار ريال ارتفع بها رصيده الى 191.8 مليار ريال(بزيادة سنوية نسبتها 8.2 %). واستحوذت الزيادة فى موجودات البنوك لدى مصرف قطر المركزى على نحو 47.2 مليار ريال من اجمالى الزيادة فى جانب الموجودات( أى 100.3 مليار)، منها 2.9 مليار زيادة فى الاحتياطى الالزامى بدون فائدة، و42.4 مليار زيادة فى رصيد الاحتياطى الحر للبنوك لدى البنك المركزى بفائدة 1.5 % سنوياً. وزاد رصيد البنوك من السندات الحكومية بنحو 9 مليارات ريال الى 39 مليار ريال. (يلاحظ أن مجمل الزيادات المشار اليها فى بنود الموجودات تزيد عن 93 مليارا، بسبب انخفاض بعض بنود الموجودات الأخرى). والخلاصة أن ودائع القطاع الخاص قد زادت فى عام 2010 بنسبة 31.1 %، فيما زادت حصة هذا القطاع من التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك بنسبة 8.2 % فقط. وفى المقابل زادت ودائع القطاع الحكومى والعام بنسبة 5.7 % فقط فى الوقت الذى زادت فيه حصته من التسهيلات الائتمانية فى نفس الفترة بنسبة 38.6 % الى 103.1 مليار. وهذه المقارنة تظهر بوضوح أن الذى نما بشدة فى الاقتصاد القطرى فى عام 2010 هو القطاع الحكومى والعام، بينما حقق القطاع الخاص نمواً محدوداً. وتظل ملاحظة أخيرة فى هذا التحليل تتعلق بنمو أرصدة البنوك الخارجية لدى البنوك المحلية بحيث وصلت الى رقم قياسى لم تصله فى فترة المضاربة على الريال فى عامى 2007/2008 وهو 97.1 مليار ريال، وذلك ليس له تفسير الا ارتفاع فائدة الودائع بين البنوك فى قطر الى مستوى 1.5 % مقارنة بالمعدلات المناظرة فى منطقتى الدولار واليورو. ولأن البنوك المحلية لا تريد أن تتحمل تلك الفائدة، ولا تريد أن تستغل هذه الأرصدة فى التوسع فى اقراض القطاع الخاص — لأسباب قد تكون مفهومة وتتعلق بالآثار التى خلفتها الأزمة المالية العالمية — فان التصرف المنطقى فى هذه الودائع هو فى ايداعها لدى مصرف قطر المركزى مقابل الفائدة المشار اليها. ومن هنا وجدنا أن أرصدة البنوك لدى مصرف قطر المركزى قد ارتفعت الى مستويات قياسية غير مسبوقة اذ بلغت 69 مليار ريال بنهاية عام 2010، مع تحمل المصرف المركزى لتكلفة تلك الودائع لديه. وهى تكلفة كبيرة ونقدرها بأكثر من 700 مليون ريال. وقد أدت هذه المعطيات الى احداث تغيير جوهرى فى السياسة المصرفية للمصرف المركزى تلخصت، فى وضع سقف لما يمكن لأى بنك ايداعه لدى المركزى بفائدة المصرف البالغة 1.5 % وهذا السقف يعادل رصيد البنك من الاحتياطى الالزامى مطروحاً منه ما لديه من شهادات ايداع. وبموجب السياسة الجديدة فان المركزى لن يدفع فائدة لأكثر من 10 مليارات ريال شهرياً لكل البنوك وفق المعطيات الراهنة( أى ما لا يزيد على 500 مليون ريال سنوياً تقريباً). وقد أقدمت الحكومة على امتصاص فائض السيولة لدى البنوك باصدار سندات حكومية بفائدة 5 % ولأجل 3 سنوات وبقيمة 50 مليار ريال، وتم ذلك فى 18 يناير، ولهذا السبب ستسفر بيانات شهر يناير عند صدورها عن تغيرات مهمة فى موجودات البنوك لدى المركزي.