17 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا تواصل تركيا توددها لإسرائيل؟

30 يناير 2011

منذ العدوان على اسطول الحرية يسود اعتقاد معزز ببعض الاشارات بأن طريقة المقاربة التركية لعلاقاتها مع اسرائيل تتسم ببعض الارتباك واحيانا بتودّد لا مبرر له. وقد تدرجت تركيا في موقفها من العدوان المذكور من المطالبة بالاعتذار والتعويض وتشكيل لجنة تحقيق دولية وكسر الحصار على غزة إلى الاكتفاء بمطلبي الاعتذار والتعويضات. وواجهت اسرائيل الشروط التركية بتشكيل لجنة تحقيق انتهت قبل يومين إلى تقرير فضيحة لجهة التأكيد على "شرعية" الجريمة التي ارتكبت. وكان رئيس الأركان الاسرائيلي غابي اشكنازي قد صرح مرة ان اسرائيل لن تعتذر اذ ان الجنود الاسرائيليين قتلوا من يستحق القتل. ورغم كل التصريحات الاسرائيلية المتكررة عن رفض الاعتذار بل التقدم اكثر إلى محاولة تطويق تركيا بتحالفات واتفاقيات مع بلدان مجاورة لتركيا مثل قبرص اليونانية واليونان ورومانيا وبلغاريا فإن تركيا لم تقابل المساعي الاسرائيلية بخطة واضحة لمجابهة الإهانة الإسرائيلية لتركيا. فرغم الاجتماع الشهير "المجاني" بين وزير الخارجية احمد داود اوغلو والوزير الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر في 29 حزيران - يونيو الماضي في بروكسل فإن تركيا استأنفت مبادرات "حسن النية" بإرسال طائرات لإخماد حرائق في جبل الكرمل في فلسطين المحتلة وقد وضعها رئيس الوزراء التركي ووزير خارجيته في إطار المساعدة الانسانية. لكن رد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو كان ان اسرائيل لن تعتذر أبداً. كذلك تكررت الخطوات المجانية التركية باجتماع مدير عام الخارجية التركية في مطلع كانون الاول - ديسمبر من العام الفائت في زوريخ بمبعوث اسرائيل. اليوم تنتهي لجنة تيركيل الاسرائيلية للتحقيق بالهجوم الاسرائيلي على اسطول الحرية إلى نتائج أقل ما يقال فيها بأنها تزوير ودوس للحقائق ولأية رغبة بعلاقات جيدة مع تركيا. ومن الخطوات التي تعتبر ارتباكا محاولة اردوغان ان يميز بين الحكومة الاسرائيلية ووزير الخارجية فيها افيغدور ليبرمان بدعوته الاسرائيليين للتخلص من هذا "الحقير" كما لو ان باقي الاسرائيليين اقل من ليبرمان تطرفا وحقارة. إن اللعبة التركية مكشوفة في هذا المجال. وهذا ليس سوى دعوة لهم لكي يعيدوا النظر في مجمل التكتيكات السياسية تجاه اسرائيل. ومن الاشارات "الرخوة" للسياسة التركية تجاه اسرائيل هي الرسالة التي ارسلتها الخارجية التركية إلى الحاخامية اليهودية في تركيا للمشاركة في "اليوم العالمي للإبادة اليهودية" الذي قررته الأمم المتحدة في العام 2005 في 27 كانون الثاني - يناير من كل عام والتي تبلغها ان الخارجية التركية ستشارك في احتفال الخامية اذا كان سينظم هذه السنة. وكانت الخارجية تشارك على مستوى سفير وله كلمة لكن المشاركة هذه المرة قد تكون على مستوى مدير عام الخارجية او ربما الوزير نفسه. الاشارة التركية هذه ربما تكون "طبيعية" تجاه احدى الطوائف التي يتشكل منها المجتمع التركي رغم انها لا تتعدى خمسة وعشرين الفا من أصل73 مليونا. لكن الجميع يدرك الصلة العضوية للجماعة اليهودية في تركيا بإسرائيل. وكل خطوة تركية في اتجاه يهود تركيا هي "رسالة" إلى اسرائيل تماما كما هي الرسائل التي يمكن ان تصل إلى اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة فيما تكون موجهة في الأساس إلى اسرائيل. لم يعد مطلب كسر الحصار على غزة من شروط اعادة تطبيع العلاقات مع اسرائيل ولم يعرف بعد ما هي آخر اعمال لجنة التحقيق الدولية التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الهجوم على اسطول الحرية. كل مبادرات تركيا وآخرها اطفاء الحرائق والمشاركة في اليوم العالمي للإبادة اليهودية لم تنعكس تغييرا او حتى تليينا في الموقف الاسرائيلي فتذهب دعوة اردوغان إلى التخلص من ليبرمان ادراج الرياح. ليس من احد إلا ويرفع راية التقدير والاعتزاز بالمواقف التاريخية والشجاعة للمسؤولين الاتراك من القضية الفلسطينية والمواقف المضمخة بأشرف الدم للمناضلين الاتراك على سفينة مرمرة. لكن الاستمرار في تكرار الاشارات الايجابية من جانب واحد هو تركيا من دون اي مقابل، لا يليق بالتضحيات والدم الذي صبغ المتوسط باحمراره ولم يجد بعد مَن يعاقب المجرمين الذين سفكوه.