18 سبتمبر 2025

تسجيل

تساؤلات نخبوية.. محلية!

29 ديسمبر 2020

من المشوق دائماً أن نعود للتاريخ بإضافات متجددة، حول المفاهيم أو المناظير التي تدور حول تلك الحقبة وما تليها، إذ تحاول في هذه الحالة تطوير المفاهيم وتجديدها، كي تواكب المسائل الحالية والعمل على ربطها بالتاريخ بشكل متصل غير انقطاعي، كما أن بإمكانك النظر إلى التاريخ بمصطلحات مغايرة، كي تكتشف النقلات النوعية التي قد تطرأ على حقبة معينة من خلال أبرز عناصر ما جاء في تلك الحقبة، ولا سيما وأنا هنا أحاول أن أعود للوراء وأنظر للتاريخ لأنقل لكم مفهوماً نتداوله، ولكن لا نعي أهميته التاريخية بعد على الصعيد المحلي. فلربما نتداول مفهوم النخبة على أساس انها جماعة من الناس من الذين اكتسبوا المعرفة والنقد الأدبي، مما يتيح لهم فرص التحريك الاجتماعي والتأثير، ولكن، لا ينقلنا مفهوم النخبة في هذه الحال إلى واقع نشأتها وأدوارها الفاعلة في دولة قطر مع اختلاف أنواع النخب بالتأكيد وتصنيفاتها التي لا تنحصر على نظم معينة. ومما لا شك فيه، تتنوع المفاهيم للنخب، ولكنها تتفق على انها تنحصر بين أقلية حاكمة وأخرى غير حاكمة قادرة على التأثير في المجتمع، وبحسب ما وصف الفلاسفة مفهوم النخب من عدة جوانب تضع له صلاحيات أعلى من مفهوم المثقف، ولكنني وددت لو أبدأ باستخدام المفهوم النخبوي على الصعيد المحلي بشكل خاص، محاولة أن اجرده من كونه محصوراً بحسب النظرة المجتمعية ما بين مجموعة من المثقفين أصحاب النقد الادبي وآخرين بارزين في المنصات الحوارية. فكما بدأت المقال بالتاريخ وخاصة عندما نستفسر عن الفجوات التي تضمنته، من هنا نضع تساؤلاتنا النخبوية في محلها المناسب، محاولين فهم ما ملأ هذه الفجوة وواكب الحداثة والعصرنة، وفي الحالة القطرية، أجد ان النقلة النوعية كان تركيزها بشكل كبير منذ مطلع الخمسينيات مع ظهور البترول، حيت أثرت تلك الفجوة على المجتمع المحلي وقامت بتغيير أدواره المهنية من كونها يدوية إلى أكثر مهنية. كما ارتقت الحالة الاجتماعية في دولة قطر إلى طبقات اجتماعية، أهمها الطبقة الوسطى والتي برزت بشكل واضح وكبير بحكم التمكين التعليمي، القضاء على الأمية والحد من البطالة والفقر، من هنا خلقت الكوادر المهنية باختلاف درجات مناصبها، وتشكلت النخب الفكرية من تلك الطبقة الاجتماعية الوسطى والتي ساهمت في صناعة القرارات تحت نظام الدولة. فمن تلك الفجوة، نشأت نخب فكرية - إدارية بمناصب عليا، إذ ان حجمها يظل متبايناً مع اتساع النطاق التعليمي، التخصصي ومنغلقا أحياناً بحسب المزايا الاجتماعية والتي تساهم في الدخول في الدائرة النخبوية الصغيرة، ومن تلك الحقبة تعددت المظاهر واختلفت المفاهيم، طبيعي أن يكون المجتمع مثقفاً، ولكن لا أعتقد ان المسألة النخبوية يجب أن ينظر لها بمنظور واحد، خاصة وأن للنخب أوجها مختلفة بحسب الطبيعة النظامية. هذا المقال أكثر من مجرد تساؤلات نخبوية، هي مسألة بحث وتمحيص في الشأن النخبوي على الصعيد المحلي، بل هي مسألة تأصيل للتنشئة النخبوية ما ان كانت عضوية أو نظامية، خاصة ونحن نحاول أن نكتشف الظواهر التي خلدتها تلك الفجوة في التحولات الاجتماعية الجذرية في دولة قطر، بالإضافة إلى الصراعات التي تواجهها تلك التحولات ما بين التغييرات الاقتصادية المتقدمة والثقافة الشعبية التي ما زالت تعمل على ترشيد عادات وسلوكيات المجتمع القطري، ومن هنا تفتح لنا آفاقاً جديدة أيضاً لأبعاد مختلفة للدور النخبوي ووظائفه في عملية التحضر والتنمية الاجتماعية في دولة قطر. [email protected]