15 سبتمبر 2025

تسجيل

الجنيه السوداني المتضرر الأول من الانفصال

29 ديسمبر 2010

تسببت صادرات النفط السودانية التي بدأت في عام 1999 في تحقيق الميزان التجاري السوداني فائضا في غالب السنوات التي تلت تلك الصادرات. إلا أن الميزان السوداني الخدمي ظل محققا لعجز مستمر بسبب عجز خدمات السياحة والنقل والاتصالات والتأمين وغيرها. كذلك حقق ميزان الدخل السوداني عجزا مستمرا. ولم تكف تحويلات العمالة السودانية المنتشرة بدول الخليج العربي وغيرها في انتشال ميزان الحساب الجاري من حالة العجز الدائم. وأسهمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تدفقت على السودان بالسنوات الأخيرة إلى جانب القروض وتسهيلات المشترين في تحقيق فائض بالميزان الكلي للمدفوعات في بعض السنوات. ويشير التوزيع النسبي لموارد ميزان المدفوعات السوداني عام 2009 والبالغة نحو 3ر15 مليار دولار. إلى استحواذ حصيلة الصادرات السلعية على نسبة 51 % من الإجمالي. تليها تحويلات العمالة السودانية بالخارج بنسبة 23 %. والاستثمار الأجنبي المباشر 19 % والاستثمارات الأخرى المتمثلة في القروض وتسهيلات المشترين 3 %. والصادرات الخدمية على اختلاف أنواعها من سياحة ونقل وخدمات مالية وتشييد وتأمين واتصالات لأقل من 3 % من الموارد. وإذا كانت الصادرات البالغة 7 مليارات و834 مليون دولار.قد مثلت أكثر من نصف الموارد الخارجية. فإن نسبة 91 % من تلك الصادرات جاء من الصادرات البترولية. بينما أسهمت الصادرات الزراعية والحيوانية والصناعية بنسبة 9 %. وهو ما يشير إلى الدور المحوري الذي يلعبه البترول في الاقتصاد السوداني. والذي أسهمت إيراداته بنسبة 48 % من إيرادات الموازنة. وهكذا استوعبت الصادرات البترولية قيمة الواردات السلعية المتزايدة خلال السنوات الأخيرة. حيث يكاد يعتمد السودان على الخارج في تغطية احتياجاته الغذائية وغيرها. وكانت قيمة الصادرات غير البترولية قد بلغت عام 2009 نحو 703 ملايين دولار. والتي توزعت ما بين الحيوانات الحية بنحو 180 مليون دولار. والسمسم 143 مليونا والذهب 86 مليونا والقطن 43 مليونا والصمغ العربي 33 مليونا. والسكر 19 مليونا والجلود 17 مليونا وكل من اللحوم والكركديه 9 ملايين دولار لكل منهما. وعلى الجانب الآخر فقد توزعت الواردات البالغة 7ر9 مليار دولار ما بين آلات ومعدلات بنحو 6ر2 مليار دولار. ومصنوعات بنحو 5ر2 مليار ومواد غذائية بنحو 6ر1 مليار. و2ر1 مليار لوسائل النقل و860 مليونا للكيماويات و342 مليونا للمنسوجات. وهكذا نجد أنه إذا كان السودان قد صدر سكرا بنحو 19 مليون دولار فقد استورد سكرا بنحو 109 ملايين دولار. وبلغت قيمة وارداته من القمح والدقيق 696 مليون دولار ومن الزيوت النباتية 133 مليونا. ومن منتجات الألبان 136 مليون دولار ومن الخضراوات 61 مليونا ومن الفاكهة 42 مليونا. كما استورد كميات من اللحوم والأسماك. ولأن معظم حقول البترول موجودة في الولايات الجنوبية التي تعتزم الانفصال. فإن حسابات الاقتصاد السوداني تحتاج إلى إعادة ترتيب. إلا أن ما يقلل من أثر نقص إيرادات صادرات النفط. هو وجود نسبة 24 % من الحقول المنتجة للبترول في الولايات الشمالية. كما أن الجنوب مضطر لإمرار بتروله عبر خط الأنابيب المتجه إلى ميناء بورسودان بالشمال ولو لبعض الوقت. مما يتيح استمرار حصول الشمال على رسوم استخدام خط الأنابيب. كما أن خلو الجنوب من معامل تكرير سيدفعه للتعامل مع معامل التكرير الموجودة بالشمال. كما أن نقص قيمة الصادرات وعجزها عن الوفاء بقيمة الواردات بالشمال. يقلل منه توقع انخفاض الواردات نتيجة نزوح آلاف الجنوبيين من الشمال إلى الجنوب. خاصة في ظل زيادة التعامل التجاري بين الجنوب وكل من أوغندا وكينيا وإثيوبيا. والأمر نفسه ينطبق على نقص إيرادات الموازنة بالشمال مع انخفاض إيرادات البترول. حيث يقابل ذلك التخلص من النفقات التي كان يحصل عليها الجنوب. مما يقلل من الأثر السلبي على الموازنة. لكن يظل الأثر السلبي لنقص إيرادات النفط الذي سيقلل الاحتياطيات من النقد الأجنبي. في تأثر سعر صرف الجنيه السوداني تجاه العملات. مما يؤدي إلى زيادة تكلفة الواردات وبالتالي زيادة الأسعار. كما يؤدي ارتفاع تكلفة واردات مدخلات الإنتاج الزراعي والأعلاف إلى زيادة تكلفة الصادرات الزراعية والحيوانية مما يؤثر على تنافسيتها. ويزيد الأمر تعقيدا مجيء الاتجاه للانفصال في ظل موجة من الارتفاع لأسعار السلع الأولية بالأسواق الدولية شاملة الحبوب والقمح والزيوت والمعادن وغيرها. ويحتاج الأمر إلى مساندة خليجية لسعر الصرف السوداني. مثلما فعلت مع لبنان إبان مقتل الحريري عندما وضعت وديعة بالبنك المركزي اللبناني لمساندة الليرة اللبنانية.