12 سبتمبر 2025
تسجيلمن لا يحب التراث والعودة لتفاصيل الماضي كي يحتضن كل ما يشعر بافتقاده اليوم، بالتأكيد نحن دائماً لتلك التفاصيل. هذه ليست مقالة تعبر عن ذكرى المعاناة في السابق، إنما وددت أن أنقل قدرتنا على الربط لتراث الماضي. لأننا لا زلنا نواجه إشكالية تمركز التراث وتكديس الحنين له في حدود فترات معينة، أغلبها بحضور رسمي. كيف نحيي التراث؟ هذا السؤال مهم، لأن بإمكانه أن يكون المفتاح للوصول إلى الأجيال الجديدة التي لا تستشعر هذا التراث، ولا تستطيع العودة والنظر في حقبة صعب تصورها في زمنهم المتقدم جداً، إلا في حال استطعت أن تضيف ما هو متقدم لديهم على ما هو في زمنه الماضي. بالإضافة إلى أن أهمية السؤال أيضاً تكمن في نفس المفتاح الذي من الممكن أن يقلل من الحضور والتفاعل التراثي الحافل إلا في معزله الرسمي. لذلك نحث على الامتداد بدلاً من الاحتفال، لأنك تريد الانعكاس أن يكون جزءاً من ممارسة وبناء الذاكرة الجماعية، وليس جزءاً من صورة تعكس شكلية مؤقتة. دائماً تجد في مسألة التراث التأكيد على الذات، والشعور باستحضار أبرز عناصر التراث التي تحاكي ملاحم المجتمع. وعلى أساس هذه الصور الملحمية تستيقظ شمس المستقبل والنهضة العمرانية، وهذا المعتاد وما نلاحظه في نصوص السيناريو من حيث التركيز على القفزة التي تدفع المجتمع نحو الأمام، من الماضية نحو المستقبل. لذلك، تظل في هذه الحال صورة المستقبل تقرأ بواسطة الماضي الذي يجسد الماضي بوجدانياته وأحلامه والتي تحولت إلى صورة المستقبل – الماضي كما عبر عنها المفكر محمد عابد الجابري، أي انها صورة لا تتحرك إلا في حدودها الضيقة، لأن الفهم التراثي للتراث دائرة لا تخرج منها المفاهيم التقليدية لأنها حضورها في الماضي يكمن في احتفالات المستقبل. وهنا يكمن سؤال جوهري آخر، كيف نضمن الامتداد التراثي وعلى أجيال جديدة خاصة وإن ظلت الدائرة لا تتحرك بفاعلية إلا في محيطها المستقبلي - الرسمي؟! فلسنا ممن يفضل ترك التراث في المتاحف وأن يكون لافتة سردية سريعة بلا شعور حسي عميق متبادل مع المتلقي، ولا يكفي أن يظل التراث محصوراً بالرسمية خاصة ونحن نشهد فاعليته وحركته النشطة تزامناً مع المحفل العالمي لكرة القدم. إنما يجب أن يكون التراث امتداداً حاضراً وانخراطاً فاعلاً في كافة المحافل وتنشيطه خارج الحدود الرسمية يعتبر استمرارية لها وبروح إبداعية تقدم للمشهد التراثي الكثير. وأستحضر هنا أثر الزي التقليدي على مشجعي كأس العالم، هذا بحد ذاته يعتبر مثالاً واقعي حي وملموس استطاع أن يكون امتداداً فاعلاً للتراث ومشاركة قصصه من عين كل فرد في المجتمع يحكي فيها ارتباطه بالتقاليد، ويساهم في مشاركة تقاليده مع الزائرين بطريقته وسرده بعيداً عن أي طابع رسمي فيه. خلاصة الحديث: التراث ليس الصورة الجامدة وبحضوره المؤقت. إنما إعادة المنهجية لفهم التراث يعتبر أمراً مهماً قادراً على تغيير مسار النتائج غير الواعية نحو التراث واستبداله باندماج الذات بشكله الاجتماعي الحي والمعزز للتراث، لك من ناحية الأصالة والثوابت، وللآخر من حيث المشاركة والتبادل الثقافي بأساليب اليوم.