14 سبتمبر 2025

تسجيل

الاتصال التسويقي المتكامل والرئاسيات الأمريكية

29 أكتوبر 2016

يقوم خبراء التسويق السياسي المعاصر في الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيق إستراتيجيات الاتصال التسويقي المتكامل في الحملات الانتخابية بوضع أهداف رئيسية لنشاطات جهازهم التسويقي والتي يمكن تلخيصها في خمسة أهداف: الاستجابة لحاجات ورغبات كافة شرائح المجتمع إن لم تكن معظمها، النجاح في الانتخابات عبر تطبيق الحملة التسويقية، الترويج للأفكار التي يؤمن بها المرشح. خلق صورة ذهنية إيجابية (العلامة التجارية) للمترشح وللحزب الذي ينتمي إليه وجذب أكبر شريحة من المؤيدين من كافة مكونات المجتمع. ومن أجل ذلك يستخدم خبراء التسويق السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية الاتصال التسويقي المتكامل في تخطيط وتصميم وتنفيذ وتقييم الحملات الانتخابية والتي تقوم أساسًا على العناصر التالية: المنتج وهو السلعة السياسية التي تتمثل في الوعود الانتخابية والسياسات والأجندة التي تشمل القضايا السياسية والاقتصادية والصحية والتربوية والاجتماعية والأمنية للوطن والتي يقدمها المرشح وحزبه إلى المجتمع الذي يقوم بالتصويت بناء على هذه الوعود. من مكونات الحملة كذلك الدعم الانتخابي أي عدد الأصوات من كل عائلة أو جماعة أو طائفة. وبعد ذلك يأتي المزيج الترويجي والذي يقوم على العلاقات العامة والتسويق الالكتروني والاستخدام المكثف لشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. ومن أهم وسائل الحملة كذلك التسويق المباشر والذي يتمثل في الخطابات التي يلقيها المرشح على أنصاره وعامة الجمهور، وكذلك المقابلات التلفزيونية التي تعتبر فرصة المرشح لتسويق أفكاره وبرنامجه لعامة الشعب، أما العمليات: فهي جميع الخطوات المستمرة التي يقوم بها الجهاز التسويقي من تحليل البيئة السياسية وإدارة الفرق التسويقية وإعطاء الحكم على البيئة وتوجيه المرشح نحو القرارات التسويقية الصائبة التي تصب في مصلحته في نهاية الحملة. يستخدم خبراء التسويق السياسي مجموعة من الأنشطة والوسائل لجمع المعلومات والبيانات اللازمة لاستخدامها في إنجاح الحملة التسويقية للمرشح. من أهم هذه الوسائل استطلاعات الرأي العام والتي تقوم على أساس دراسة الرأي العام، وذلك لوضع رسالة الأحزاب و السياسيين على أساس نتائج سبر الآراء. فاستطلاعات الرأي العام ما قبل الانتخابات تبحث في مدى الإقبال على الانتخابات وما هي الاتجاهات السائدة عند المصوتين. وهناك كذلك استطلاعات أثناء الانتخابات والتي تدرس التطورات الجارية أثناء الحملة الانتخابية بين الفترة والأخرى وكيف تسير الحملة وما هي مؤشرات النجاح. وأخيرا هناك استطلاعات الرأي العام ما بعد الانتخابات والتي تنظر في ردود فعل الرأي العام ما بعد الانتخابات، وهل هناك تطور مع مرور الزمن، وذلك لمعرفة مدى تراجع أو تقدم عدد المؤيدين للمرشح و للحزب. تعتبر المقابلات الشخصية وسيلة أخرى لتسويق المرشح وبناء علامة تجارية له في سوق الانتخابات ويقوم بها خبراء التسويق السياسي من أجل معرفة ودراسة الحالة النفسية والاجتماعية والفكرية للمجتمع ودراسة الحاجات والاتجاهات. كما تستخدم الخطابات المحلية ويقدمها السياسيون أنفسهم، وذلك ضمن بيئة يتم التحكم فيها في قاعات وفضاءات آمنة مفتوحة لاستقبال أكبر عدد من الجمهور حيث يتم إلقاء خطابات تحفيزية وتشجيعية للجمهور الذي ساند المرشح وصوت له، وذلك كنوع من المكافأة والتقرب والتلاحم.كما يستخدم خبراء التسويق السياسي الإستراتيجيات الناجحة في الاتصال التسويقي المتكامل من إعلان وعلاقات عامة وترويج وتسويق ومن أهمها صناعة العلامة التجارية للمرشح. ويبدأ العمل هنا بتشكيل فريق إعلامي مختص يضم اختصاصيين في مجالات مختلفة بهدف الاستفادة من العمل الجماعي والاستفادة من تعدد وجهات النظر وتعدد المقاربات والمناهج والسبل لتحقيق الأهداف المسطرة مما يضيف أبعاداً إبداعية جديدة ويزيد من فرص النجاح وتغطية جميع المجالات والقضايا التي تكون ضمن اهتمامات الجمهور. من أهم الإستراتيجيات والأساليب كذلك إنشاء مركز إعلامي خاص بالحملة الانتخابية يطلق عليه اسم "غرفة الحرب" War room حيث يضم فريق عمل متكامل وكذلك الأجهزة والمعدات والموظفين والكادر الإعلامي، ويوفر بيئة مركزية تزيد من دقة التنسيق وتقلل من التصريحات والتقارير المتضاربة. كما يلجأ الخبراء في الاتصال التسويقي المتكامل إلى بناء خطة متكاملة للتواصل مع الجماهير عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. وبما أن هذا العصر يعتبر العصر الرقمي بامتياز، فإن التواجد على جميع منصات التواصل الاجتماعية يعتبر أمر مهم وضروري ويجب التركيز عليه. فيقال عن حملة أوباما سنة 2008 أنها كانت حملة الإنترنت بامتياز.كما يعتمد خبراء التسويق السياسي على التأثير الإعلامي من خلال الاستخدام التلفزيوني، وذلك من خلال رصد ميزانيات معتبرة لشراء حصص إشهارية للمرشحين على أشهر القنوات التلفزيونية واختيار أوقات الذروة حيث تكثر نسبة المشاهدة مع تكرار الومضات الإعلانية . ويتميز الأداء التلفزيوني هنا بالإيجازات والاختصارات وتفادي الكلمات التلفزيونية المطولة والتي كانت تدوم 30 دقيقة في الماضي، والتي ظلت مستخدمة من قبل الخصوم، وتعويضها بالومضات القصيرة في حدود 20 ثانية إلى 60 ثانية على الأكثر. إن أهم موعد يتم استغلاله بشكل كبير هو موعد المناظرات التلفزيونية الشهيرة التي تعد فاصلة في العملية الانتخابية وذات تأثير رهيب على العملية برمتها، وقد أصبح استخدام أسلوب المناظرات التلفزيونية يشمل حتى نواب الرئيس بعد اقتصارها في الماضي على المرشحين الأساسيين للدخول إلى البيت الأبيض.