26 أكتوبر 2025
تسجيلالعدو أراد الاستيلاء على المسجد الأقصى وصولا للاستيلاء على كل القدس وطرد وإلجاء الفلسطينيين لترك ديارهم، ليس منذ اليوم أو قبل شهر ولكن منذ الاحتلال على القدس وبكل السبل السلمية وغير السلمية.. لكن ما حمّسه في الفترة الأخيرة على فكرة حسم هذا الملف هو وهمه بأن المسجد لم يبق من يحميه إلا بضعة نساء وقلة من شيوخ يضربهم ويسحلهم وعند اللزوم يدميهم أو ينفيهم فيما السلطة راضية والعرب صامتة لم يعودوا يسجلون حتى الشجب المتحّت بالكذب فضلا عن أن يتحركوا عمليا لمنع ذلك..لكن الشعب الفلسطيني رأى هذا التهرؤ الوطني والقومي والديني والقيمي الذي يعيشه النظام الرسمي العربي عموما والفلسطيني خصوصا مضافا لفقدان الأمل بالتسويات.. فكانت الانتفاضة - الثالثة – التي حققت حتى الآن من إرهاق العدو وتخويف مستوطنيه ما وضع الكثير من نقاط الحقيقة على حروف المجد والتحرر وكشفت إلى حد بعيد حقائق يفترض أن يتحاكم إليها في تقييم الحالة ومستلزماتها واستثماراتها وأطرافها وحاضرها ومستقبلها.. في هذا الوقت وحيث المنعطف التاريخي والبدايات جاءت جهود أمريكيا ودول الإقليم والسلطة لوأد الانتفاضة وكبتها وتبديد محصلاتها ؛ فرأينا هذا العالم المنافق ينشط للقيام بالدور القذر الذي تخوفنا منه دائما.. ذلك كله يؤكد جملة من الحقائق على التاريخ أن يسجلها وعلى الشعب الفلسطيني أن يتأملها وأن يصدر عنها.. من ذلك :❶ أن الأطراف الساعية لحماية الكيان الصهيوني لا تريد للشعب الفلسطيني أن يحقق من خلال المقاومة والعناد الثوري – حتى السلمي منه - أي إنجازات لسبب واضح هو أن يبقى مستقرا في الذهن أن المقاومة قرين البؤس والخسارات والحصار والموت والفتنة ولي الإنجازات الوطنية. ❷ أن العدو الصهيوني لا يقدم شيئا إلا تحت الضغط والتخويف وهز قواعد معادلاته الأمنية، وذلك ممكن بأقل القليل من الجهد والمغامرة بل وبجهود فردية. ❸ أن للقضية الفلسطينية خصوصية أن كل جهد مطلوب فيها له أثر ؛ فكما أن منظمة كبيرة كحماس وحزب نصر الله تستطيع أن تواجه العدو وأن تسجل عليه انتصارات كبرى فإن فردا واحدا من شاب أو شابة أو حتى طفل يستطيع أن يهز معادلات استقرار واستمرار هذا الكيان. ❹ أن المجتمع الصهيوني اليوم كالمجتمع الصهيوني ( اليهودي ) بالأمس في زمن النبوة وعلى مدى التاريخ – وأنه بقدر ما يروج عن نفسه من أنه مجتمع متماسك وعقدي ومقتدر بقدر ما هو في الحقيقة خاو ضعيفٌ وتسهل هزيمته بأقل القليل من الجهد والصدقية. ❺ أن من الممكن حماية القدس وإفشال كل خطط الاحتلال التي يمكرها مع آخرين لتهويد القدس أيا كانت تلك الخطط والمخططون.. ذلك يحيي الأمل بأن فلسطين لن تضيع ما دام شعبها متنبها واعيا باذلا. ❻ أن الاستراتيجية الغربية والإسرائيلية لتوطيد الاحتلال تقوم على استغفال الشعب الفلسطيني وخداعه وعزله عن القضية ومنعه من الإمساك بالزمام وأن تبقى القضية في يد القلة من الخالفين القاعدين الطاعمين الكاسين الذين لا يمثلون الشعب ولم يقدموا تضحية. ❼ أن العالم الغربي لا يتحرك باتجاه القضية الفلسطينية إلا إذا شعر بالخوف والخطر على الكيان الصهيوني وهو ما صنعته بضعة سكاكين وكوكبة من عشرات الشهداء. ❽ أن النظم العربية وبضمنهم السلطة مع استثناءات قليلة جدا يعرفها الشعب الفلسطيني هم – للأسف – ليسو عمقا استراتيجيا للشعب الفلسطيني ولكنهم عمق فقط للاحتلال فيتوافرون له عند حاجته لهم بقدر ما يغيبون ولا تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزا عند حاجتنا. ❾ أن القيادة السياسية الفلسطينية - التي بدأت تبث المسلسلات وتسوّق على الناس ما تسميه مخاطر الانتفاضة – هي في واد وشعبها في واد آخر، وأنها " مادة " لينة مطاوعة تُدزّ فتندزّ وتطرد فتنطرد وتدعى فتقدم زاحفة على بطنها وإليتيها، لا تملك رؤية ولإ تحتوي على إرادة، وأنها فقط تتلقّط الفتات وتنفذ الأجندات.❿ أن المقاومة في واقع الضفة الغربية لا تقل اقتدارا على إرباك العدو وإدمائه مما تقوم به غزة على فرق بين الاحتياجات وما يقابلها من فروق الإمكانات..آخر القول : يؤمّل أن تحقق الانتفاضة الثالثة ما لم تحققه الجهود الديبلوماسية وآلاف اللقاءات التفاوضية وأن تتطور لتحمي القضية وليس الأقصى فقط.. وهذا هو السبب الحقيقي لمحاولات السلطة والنظم المتضررة من الانتفاضة والمنكشفة بها كسرها ولويَ عنقها في هذا المنعطف التاريخي الحاسم.. فهل يقبل الشعب الفلسطيني أم يحذر!؟