18 سبتمبر 2025

تسجيل

الوسواس الخنّاس

29 أكتوبر 2015

اقرأ الآن وقبل أن تكمل بقية المقال، سورة الفلق..ثم اقرأ بعدها سورة الناس ثم بعدها أكمل قراءة المقال..هل لاحظت أمراً في السورتين؟ ستقول أن فيهما دعوة إلهية للاستعاذة من الشرور كلها.. نعم هي كذلك. لكن لاحظ معي أنك في سورة الفلق تستعيذ بالله مرة واحدة من عدة مصادر للشر.. تستعيذ برب الفلق من شر ما خلق، سواء كان من الإنس أم الجن أم الحيوان، وتستعيذ به من شر غاسق إذا وقب، أي من كل ما يخرج بالليل من شرور، سواء من الجن أم الإنس أم بقية الأحياء، وتستعيذ من المصدر الثالث للشر المتمثل في النفاثات في العقد، أي الساحرات وأهل السحر عموماً، وأخيراً من شر كل حاسد إذا حسد.. ذاك الحاسد صاحب النفس الخبيثة المحبة للسوء والشر للآخرين، الذي اعتبره القرآن من مصادر الشرور التي يجب على بني آدم الاستعاذة منه، شأنه شأن بقية المصادر الثلاثة.ثم لاحظ أنك في سورة الناس يختلف الأمر، إذ أنك تستعيذ بالله ثلاث مرات من شيء واحد.. فتستعيذ برب الناس، وملك الناس، وإله الناس، من ماذا؟ من شر الوسواس الخناس.. إبليس وبقية شياطين الشر معه ومن ضمنهم القرين الذين بين جنبيك.. الذي يوسوس لك بالشر والسوء، ويزينهما لك على الدوام، دون كلل أو ملل، يأتيك بالخاطرة والفكرة فالتزيين، ثم التخطيط حتى تصل أخيراً إلى التنفيذ لتقع في شر أعمالك. هل سيتركك بعد كل ذلك؟ بالطبع لا، ولن يهدأ.. لأن هدفه ليس ايقاعك مرة أو مرتين أو حتى ألف، بل أن يدخلك معه إلى قعر جهنم، تنفيذاً للوعد الذي قطعه كبيرهم إبليس أمام الله وقبل أن يسكن البشر الأرض، أن يقعد لبني آدم كل مقعد، يزين لهم الشر والسوء وينحرف بهم عن جادة الصواب والحق.من هنا، ولأن الهدف الأسمى للوسواس الخناس هو تلك النهاية البائسة للإنسان، يدعونا الخالق عز وجل إلى الاستعاذة منه ثلاث مرات، على عكس المصادر الأربعة سابقة الذكر، فتكفي مرة واحدة لصد شرورهم، أما هذا فكلما استعذت أكثر، حماك الله وأبعدك ووقاك عنه أكثر وأكثر.حفظنا الله وإياكم من كل الشرور ومصادرها، من الجن كانت أم من الإنس.