12 سبتمبر 2025
تسجيليظل قطاع الصحة وتقديم خدماته للمواطنين والمقيمين من القطاعات المهمة والحيوية ، وبالأمس أصبح الشارع القطري يتحدث عن أهمية الصحة والارتقاء بخدماتها نحو الافضل ، مع مطالبة الجميع بحفظ المال العام وعدم الهدر في المصروفات ، خاصة ان التأمين الصحي – مثلا – اصبح يشكل نقطة البداية لإخفاقات قطاع الصحة في الآونة الاخيرة بسبب التلاعب والمبالغة من قبل العيادات والمستشفيات في كيفية التعامل مع هذا التأمين بطرق غير امينة . والمسألة الاخرى تتعلق بالتقطير في القطاع الصحي الذي سيطر عليه الوافدون والاجانب دون سابق إنذار بسبب غياب الاهتمام بتوطين الوظائف بنسبة لا تقل عن 90 % - على الاقل - كما هو الحال في دول الخليج المجاورة مثل عمان والبحرين والسعودية . ويبدو أن وزارة الصحة واخفاقاتها الادارية والمالية مؤخرا بدأت تنعكس على وسائل الاعلام من خلال الشو الاعلامي للمسؤولين ، فالوزارة تعاني الكثير من التجارب غير المدروسة عبر التخطيط الذي لا يساير رؤيتنا الوطنية 2030 ولم يكتب له التوفيق والنجاح ، بل يشهد بعض التحفظ من قبل الكثير من المواطنين ، وبخاصة ما يتعلق بمسألتين اثنتين مهمتين هما :المسألة الاولى :وتتعلق بتقطير الكوادر الادارية في الوزارة وبمؤسسة حمد الطبية وتغييب الطاقم الطبي عن التقطير واحلال الأجانب مكان القطريين ، وهذا الشيء لا يختلف عليه احد .والمسألة الثانية :تتصل بالتلاعب الذي حصل ويحصل اليوم في " التأمين الصحي " والدور السلبي الذي تقوده الجهات الصحية في تنفيذه بطرق خاطئة ساهمت في هدر المال العام ، وعدم حفظ الاموال من خلال الاهمال والاستهتار بها دون رعاية او دراية بحيثيات هذا الهدر الذي يعلمه القاصي والداني . وقد كانت اسعار بعض العمليات الجراحية – مثلا - حوالي 15000 ريال ، وبعد فرض التأمين الصحي ارتفعت الى 35000 الف ريال ، انظروا الى التلاعب بالأسعار والسرقة في وضح النهار مع كل اسف !! نحن نريد من وزارة الصحة الاهتمام بهاتين القضيتين ومعالجتهما بما يخدم مصالحنا الوطنية ، وبما يعود على الوطن والمواطن - قبل كل شيء - بالفائدة التي يسعى الجميع لتحقيقها ، لأنها جزء لا يتجزأ من رؤيتنا الوطنية 2030 .ولعل المسألة الاخرى المهمة التي يجب العناية بها من قبل قطاع الصحة في البلد هي مسألة تأسيس مراكز صحية متطورة وراقية لخدمة القطريين اولا قبل غيرهم لكونهم محور عمليتي البناء والتنمية ، وهذا يتطلب مضاعفة الجهود لتحقيق هذا المراد ، كجزء اساسي من استراتيجيتنا الوطنية في مجال الصحة .واذا ركزنا على مسألة التأمين الصحي فمن وجهة نظري لا بد له من تسعير كل اجراء وعلاج حسب ما هو متبع في دول مجلس التعاون الخليجي عبر التشاور في هذا المجال المهم ، بهدف تسعيرة الدواء والعلاج وذلك بسبب ان هناك تعاونا مستمرا واجتماعات دورية بين هذه الدول ، وتعميمها على كل المستشفيات والعيادات الخاصة المختلفة قبل البدء بعملية التأمين الصحي ، كما انه من خلال الرقابة يمكن معرفة المخالفين وانذارهم ومن ثم سحب تراخيصهم عند التجاوز !! أما ما يتعلق بالتقطير في الصيدليات والمختبرات والتمريض والادارات الاخرى فتصل نسب القطريين الى حوالي 5 % او تزيد قليلا ، اي ان نسبة الاجانب حوالي 90 % او اكثر ، وهي نسب تقريبية ، اذا علمنا بان هذه الاختصاصات عمود المستشفيات حاليا !! . بينما اذا انتقلنا الى بعض دول الخليج الاخرى فسنرى الوضع يختلف كثيرا ، اذا ان نسبة التوطين فيها تصل الى ما بين 90 – 100 % مثل البحرين وعمان والسعودية وهم يفخرون ويحتفلون بهذا الانجاز سنويا، بينما نحن لم نحقق نسبة التوطين حتى ولو بنسبة 10 % لان الاجانب ما زالوا يستحوذون على هذه الوظائف والجهات الصحية نائمة في سباتها العميق ودون مراعاة لتوجهاتنا الاستراتيجية !!والسؤال الأول المطروح :لو حدث ما حدث وهاجر هؤلاء الاجانب الى بلدانهم الاصلية فماذا سيحدث للمرضى عندنا ؟ . وفي نفس الوقت نستغرب لماذا لا يستشار القطريون في هذه المسألة المهمة ؟ ، فهم ادرى بشؤونهم وشجونهم الصحية والطبية !! اما السؤال الآخر :فهو : ان حاجتنا للجيش وللعسكريين – مثلا - جعلت التقطير هي النسبة الاعلى لأنها مسألة مصير لا يجب العبث به ، والشيء نفسه يقال لأنه من الواجب ان يكون اهتمام الدولة بالكادر الطبي والاداري بمجال الصحة في كافة فروعه واختصاصاته !! ومن هنا :فان من اسمى واجبات الصحة ومؤسسة حمد الطبية اليوم محاولة استقطاب الطلبة القطريين من حملة الشهادة الثانوية وتوقيع العقود معهم شرط التحاقهم بالجامعة وصرف رواتب تشجيعية لهم طوال دراستهم للعمل بعد تخرجهم في القطاع الصحي لسد النقص في الكوادر القطرية واحلالهم بدلا من الوافدين ، وهذه السياسة هي السائدة في كل دول الخليج التي تسعى لإحلال المواطن في شتى الوظائف ، ويكون ذلك عن طريق ايجاد رؤية واستراتيجية وطنية مدروسة للتوظيف بدلا من هدر المال العام بصورة تقوم على التخبط وسوء التخطيط للقطاع الصحي !! وتستطيع الجهات الصحية عقد احد الايام المفتوحة مع طلاب وطالبات الثانوية سنويا لتشجيعهم واستقطابهم وبخاصة في مجالات : الطب والصيدلة والتمريض والمختبرات وادارة المستشفيات وعيادات الطوارئ لتلافي العجز في الكوادر القطرية مستقبلا ، وانظروا الى ما تصرفه الدولة – مثلا - على عيادات الطوارئ ذات المبالغ الباهظة التي تذهب هدرا دون اهتمام !! ** كلمة أخيرة :الأماني والأحلام كثيرة ، والقطاع الصحي مطالب بالبحث عن الجودة في العمل لخدمة الأجيال المعاصرة والقادمة ، كما انه مطالب بحفظ المال العام وتسخيره بما يعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع مع عدم تغييب رؤية قطر الوطنية 2030 .