14 سبتمبر 2025
تسجيلإِسْمَاعِيلُ فَهْدُ إِسْمَاعِيلُ, شَخْصِيَّةٌ ثَرِيَّةٌ فِكْرِيًّا وَإِنْسَانِيًّا, وَحَاسِمَةٌ فِي كُلٍّ مَا يَطْرَحُ مِنْ حَوْلِهُ! يَسْتَوْعِبُ غَضَبَ الآخَرِ بِهُدُوءِ نَظْرَاتِهِ, وَمَنْطِق مُفْرَدَاتِهِ, وَحَلَاوَة لِسَانِهِ. هُوَ الإِنْسَانُ الصَّدِيقُ المُثَقَّف الوَطَنِيّ المَسْؤولُ, وَالمُوَاطِنُ المُتَوَاضِعُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَمِيَ إِلَى عَالَمِ الكِتَابَةِ, وَمِنْ قَبْل أَنْ يَصْنَعَ مداميكا في الرِّوَايَة الكُوَيْتِيَّة، حَيْثُ ثَبَّتَ جُسُوراً بَيْنَ المُثَقَّفِينَ الخَلِيجِيِّينَ وَالعَرَبِ. هُوَ عَلَامَةٌ مُشْرِقَةٌ فِي فَنِّ الرِّوَايَةِ العَرَبِيَّةِ, وَالمُؤَسِّسُ الفَاعِلُ وَالثَّاقب فِي نَهْضَةِ فَنِّ الرِّوَايَةِ بِالكويت وَمِنْطَقَةِ الخَلِيجِ. مُجَالَسَتُهِ لَمْ تَكُنَّ عَابِرَةٌ, وَمُصَافَحَتُهُ تَعْنِي الاِعْتِرَافَ بِكُلِّ هَذِهِ القِيمَةِ الثَّرِيَّة بِتَحْسِين وَجُودِ الإِنْسَانِ, أَقْصِدُ لَمْ يَكُنْ أَدَبُ إِسْمَاعِيل يَخْتَلِفُ عَنْ حَرَكَةِ إِسْمَاعِيلَ الاجْتِمَاعِيَّة وَالنِّضَالِيَّة والتغييرية إِلَى بِيئَةٍ يُسَوِّدُهَا العَدْلُ وَالحَقُّ وَالحَقِيقَةُ. تَنَاقَشْنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الأُمُورِ, وتحاورنا فِي غَالِبِيَّةِ البُنُودِ, وَتَسَامَرْنَا فِي وَاقِعَ العَرَبِ سِيَاسِيّاً وَاِجْتِمَاعِيّاً وَفَنِّيّاً وثقافياً, وَكَانَ يَعْتَبِرُ الفَنّ وَبِالتَحْدِيدِ المُسَرَّح حَرَكَة ثَقَافِيَّة تَأْسِيسِيَّة فَاعِلَة تُمَهِّدُ لِنَشْرِ ثَقَافَةِ القَصِيدَةِ وَالرِّوَايَةِ! لَا يُجَامِلُ فِي طَرْحٍ مَا يُفَكِّرُ بِهِ, وَلَا يُنَافِقُ فِي تَقْدِيمِ رَأيَه, وَلَا يَخْجَلُ مِنْ تَطَلُّعَاتِهِ مَهْمَا كَانَتْ الظُّرُوفُ... هُوَ هَذَا المُفَكِّرُ المَسْكُونُ بِالقَلَقِ الدَّائِمِ, وَلَكِنَّهُ لَا يَخَافُ العَتْمَةَ, وَلَا يُهَرْوِلُ إِلَى الانطواء, وَلَا يُجبن حَتَّى الاِنْزِوَاءِ! هُوَ إِسْمَاعِيلُ فَهْدٌ إِسْمَاعِيلُ المُبَاشِرُ, وَالوَاضِحُ, يَجْمَعُ فِي شَخْصِهِ وَمِنْ حَوْلِهُ مَنْ يُحِبُّهُ وَمَنْ يَكْرَهُهُ, وَمَنْ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ تَطَلُّعَاتِهِ, وَنَظَرِيَّاتُهِ! هُوَ إِسْمَاعِيلُ فَهْدُ إِسْمَاعِيلُ بِكُلِّ تَنَاقُضَاتِ حَيَاتِهِ, وَتَعَبهِ, وَمَشَقَّات دُرُوبٍ سَلَّمَهَا لِلشَّوْكِ, وَسَلَكَهَا بِالحُلْمِ! هُوَ كُلُّ الصَّبْرِ وَالإِصْغَاءِ وَالاِتِّزَانِ وَالفَوْضَى حِينَمَا تُشَرِّقُ الفِكْرَةُ! هُوَ إِسْمَاعِيلُ الَّذِي يُغَامِرُ فِي نَصِّهِ الأَدَبِيُّ, وَيَعْشَقُ التَّجْدِيدَ دُونَ الاِبْتِعَادِ عَنْ الهَدَفِ الأَسَاسِيّ مِنْ الكِتَابَةِ, وَهَدَفُهِ أَنْ يَصِلَ إِلَى الجَمِيعِ, وَيَصْفَعُ الجَهْلَ دُونَ أَنْ يُجْبِرَ المُتَلَقَّى عَلَى اِتِّبَاعِ فِكْرِهِ. تَمَيَّزَ بِالكِتَابَةِ العَمِيقَةِ كَمَا هُوَ عَمِيقٌ فِي حَيَاتِهِ! اِخْتَلَفَ عَنْ كُلِّ مَنْ اِلْتَقَيْتَهُمْ فِي غُرْبَتِي مِنْ خِلَالِ سَعَةِ أَفْكَارِهِ, وَاِسْتِيعَاب مَا يَدُورُ مِنْ حَوْلِهُ, ويمتشق الجَدَل المُفِيد! صافع كُلّ مَنْ يَخْتَلِفُ مَعَهُ بِمَحَبَّةٍ, وَبِحَسْمٍ, وَبِالفَهْمِ! ذَاتُ جَلْسَةٍ فِكْرِيَّةٍ حَوَارِيَّةٍ فِي مَنْزِلِ الأديبة لَيْلِيٌّ العثمان بالمنصورية تَنَاقَشْنَا مُطَوَّلًا حَوْلَ النَّقْدِ, وَكَيْفَ كَانَ مُجَامَلَةٌ لِيُصْبِحْ مَعَ الأَيَّامِ رِسَالَةً وَمَوْهِبَةً وَعِلْما, وَخَتَمَ قَائِلًا, وَمُخَاطِباً لِي: "مَعَ كُلِّ مَقَالَةٍ نَقْدِيَّةٍ تَكْتُبُهَا مَدِيحًا أَوْ سَلْبًا سَتَزِيدُ عَدَدَ الأَعْدَاءِ مِمَّنْ لَمّ يَعْتَدِ النَّقْد الحَقِيقِيَّ"! غَيّبَهُ المَوْتُ ... بِالأَمْسِ...رحل إسماعيل فهد إسماعيل... فِي كُلِّ رَحِيلِهِ خَسَارَة لِلأَدَبِ العَرَبِيِّ, وَالثَّقَافَةُ فِي الخَلِيجِ, وَلِلفِكْرِ وَالإِنْسَانِ فِي الكويت, وَلِأُبُوَّةِ الصَّدَاقَةِ، وَالمَعْرَفَة أَيْنَمَا حَلَّلْنَا, وَكُنَّا, وَتَذَكَّرْنَا... خَسِرْتُ عَلَى الصَّعِيدِ الشَّخْصِيّ قَيِّمَةَ وُجُودِيَّةٍ!