14 سبتمبر 2025

تسجيل

قراءة في تصريحات مشعل الأخيرة

29 سبتمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مسألتان، توقفت أمامهما، وأنا أستمع عبر شاشة (الجزيرة) لكلمة ومداخلات وإجابات رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، الأولى، تأكيده أن بداية العام المقبل سيشهد انتخابات داخلية في (حماس) لاختيار قيادات جديدة، وأنه "لن يترشح لرئاسة المكتب السياسي"، والثانية، قوة شخصيته، والثقة التي يتصف بها بما أتاحت له الاعتراف بما ارتكبته الحركة من أخطاء سياسية خلال مسيرتها النضالية، كان منها سيطرتها على قطاع غزة في العام 2007، والانفراد بإدارتها بعيدا عن سيادة السلطة الفلسطينية وبقية الفصائل الفلسطينية. ما جاء على لسان مشعل من تصريحات في ختام اليوم الأول (السبت) من ندوة الجزيرة للدراسات بعنوان (التحوّلات في الحركات الإسلامية)، هي الأولى من نوعها منذ الانقسام الكارثي في العام 2007، فالرجل بكل ما عرف عنه من شفافية ونقاء لافتين، اعترف بأن حماس أخطأت عندما اعتقدت أن بإمكانها حكم قطاع غزة بمفردها، عقب فوزها بانتخابات المجلس التشريعي في العام 2006، وبأن الأمر بات ميسورا للوصول إلى قمة السلطة: "أخطأنا عندما ظننا أن زمن فتح قد مضى، وحلّ زمن حماس، وفتح أخطأت عندما أرادت إقصاءنا".هذا التصور السياسي الذي توصل إليه قادة حركة حماس حينها، كان فيه مبالغة غير واقعية، وعكس بالتالي، أولا، قلة خبرة لدى (حماس) في تقدير الموقف لحسابات القوة والمقدرة، وثانيا، خطأ اعتماد نظرية البديل بالانفراد بالسيطرة والإدارة بعيدا عن المشاركة مع الفصائل الأخرى، ثالثا، الآثار السلبية والكارثية التي ترتّبت على الانقسام، ما أودى بالقضية الفلسطينية في مهاوي الردى كما لم يحصل من قبل.كما أن (حماس) ارتكبت أكبر الأخطاء حين استسهلت استخدام السلاح لإقصاء حركة فتح من قطاع غزة، وهي العمود الفقري للسلطة الفلسطينية، وتجاهلت أن منظمة التحرير هي إنجاز فلسطيني لا يمكن القفز عنها، ولها مع رئيسها أيا كان اسمه، حضور دولي، اكتسبه من اختياره منفردا، التفاوض مع الاحتلال وإسقاط البندقية من يد الشعب الفلسطيني، وبذات الضرر، أخطأت حركة (فتح) بشيطنة (حماس) عبر التصريحات ووسائل الإعلام، وعدم اللجوء إلى المنطق الثوري لاستيعاب وحل الخلافات في مثل هذه الحالات، والملاحقة والمطاردة الأمنية لكوادر وعناصر (حماس) في الضفة الغربية المحتلة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي لجوء طرفي الانقسام إلى نهج الاغتيال المعنوي لقيادات كل منهما وكوادرهما.والقراءة الثانية لتصريحات مشعل، ورد في قوله "العام القادم ستجري انتخابات داخلية في حركة حماس وسينتخب رئيس جديد للمكتب السياسي للحركة"، بمعنى واضح وصريح بأنه لن يترشح في هذه الانتخابات التي سيتم خلالها اختيار أعضاء ورئيس المكتب السياسي، وبأنه سيترك الأمر لقيادات جديدة تسير بالحركة في المرحلة القادمة. ليس من السهل التعليق على مغادرة خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي لحركة (حماس) الذي يشغله، منذ العام 1996، ليس طوعا، أو كرها، وإنما لولايته "دورتين متتاليتين" انتهت بحسب النظام الداخلي للحركة، وأبعاد ذلك على الساحة الفلسطينية والإقليمية، وهذا يعني أن هناك قيادات ستتنافس على هذا المنصب.فهل ستظهر الحركة بإطلالة جديدة وببرنامج سياسي يشمل المستجدات الفلسطينية والعربية، وهل ستحسم البرامج والواقعية السياسية آفاق الاختيار لرئيس جديد للحركة؟.السرية التي تحيط بها (حماس) نفسها، تجعل من الصعب التخمين أن لم يكن هناك دلائل ومؤشرات على توجهاتها، فيما يتردد في بعض الأوساط الفلسطينية هذه الأيام، بأن موافقة (حماس) على إجراء الانتخابات الداخلية، تعود في الأساس إلى متابعة الحركة لاستطلاعات الرأي العام الفلسطيني، وأنه ليس هناك أفضل من الانتخابات المحلية لتكون اختبارا لشعبيتها بين الفلسطينيين، بدليل استعدادها لخوض الانتخابات البلدية في الضفة الغربية وقطاع غزة... وإلى الخميس المقبل.