19 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا: ما الذي ستغيره انتخابات مبكرة؟

29 أغسطس 2015

حسمت تركيا أمرها وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل هو موعد إجراء انتخابات نيابية مبكرة. تأتي الانتخابات الجديدة بعد خمسة أشهر من إجراء آخر انتخابات في 7 حزيران/ يونيو الماضي. ولقد فشل أحمد داود أوغلو رئيس الحكومة المكلف ورئيس حزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة جديدة. والسبب الأساسي أن الحزب لم يستطع الاحتفاظ بالغالبية المطلقة التي كان يحوزها منذ العام 2002 ونال 41 في المئة من الأصوات. ورغم أنه كان الفائز الأول وبفارق 16 نقطة عن الحزب الثاني حزب الشعب الجمهوري غير أنه حصل على 258 نائبا أي أقل بــ 18 مقعدا عن النصف زائد واحد أي 246 مقعداً. وكان بإمكان أحزاب المعارضة الثلاثة مجتمعة أن تشكل حكومة ائتلافية يستبعد منها حزب العدالة والتنمية غير أن الصراع العرقي بين حزب الحركة القومية التركي وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي حال دون أن يجتمعا معاً في حكومة واحدة يكون طرفها الثالث حزب الشعب الجمهوري. ولقد حملت المعارضة مسؤولية الفشل في تشكيل حكومة جديدة لحزب العدالة والتنمية لأنه لم يكن يريد الاعتراف بنتائج الانتخابات ويسعى لإعادتها من خلال إفشال تشكيل الحكومة. ونقلت المعارضة أن المسؤولية الشخصية لا تقع على عاتق داود أوغلو الذي لم يكن يعارض مثل هذا الائتلاف بل إن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان هو الذي ضغط وأفشل تشكيل الحكومة. وقد خرج رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان مؤخراً بموقف مفاجئ وجديد وهو أن النظام السياسي في تركيا قد تغير ولم يبق سوى وضع دستور جديد يحدد الأطر الحقوقية لمثل هذا التغيير. وقد لاقى هذا الموقف استهجانا لأنه يعني ممارسة صلاحيات لا ينص عليها الدستور كما أنه يحول الرئيس طرفا في الصراعات الحزبية. في جميع الأحوال تذهب تركيا إلى انتخابات مبكرة لا يريدها سوى حزب العدالة والتنمية ومن خلفه رجب طيب أردوغان فيما المعارضة كلها لا تريد مثل هذه الانتخابات. المعارضة تقول إن انتخابات السابع من حزيران/ يونيو كانت رسالة إلى أن تركيا لم يعد ممكنا حكمها من قبل حزب العدالة والتنمية منفردا وأنها بحاجة إلى حكومة قوية ممكنة فقط من خلال ائتلاف حكومي يعكس قاعدة شعبية عريضة ولا سيما بين الإسلاميين والعلمانيين. في الطريق إلى الانتخابات المبكرة اضطربت تركيا كما ليس من قبل. أعلن أردوغان الحرب على حزب العمال الكردستاني وعلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الممثل في البرلمان بــ 80 نائبا وكان نجاحه السبب الرئيسي لفشل حزب العدالة والتنمية في نيل الغالبية المطلقة. يراهن حزب العدالة والتنمية اليوم على أن الحرب ضد الأكراد ستضاعف الأصوات القومية التي ستصوت له وفي الوقت نفسه سوف تضعف التصويت للحزب الكردي وبذلك تنقلب المعادلة وتزداد نقاط الحزب لتصل إلى 44 في المئة كافية ليصل عدد مقاعده في البرلمان إلى النصف زائد واحد. وبذلك يحل الحزب مشكلته ويرتاح أردوغان من كابوس نتائج السابع من حزيران/يونيو. مع ذلك، فإن البلاد منذ انتهاء تلك الانتخابات وهي تعيش توترات أمنية وصدامات عسكرية واسعة بين الجيش وحزب العمال الكردستاني. كما أن الوضع الاقتصادي وصل إلى مرحلة صعبة تنذر بتداعيات خطيرة خصوصا بعد تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار. يعتبر الذهاب إلى انتخابات مبكرة مقامرة كبيرة. إذ إنه حتى لو فاز حزب العدالة والتنمية بالغالبية المطلقة فإن هذا لن يغير واقع أن البلاد تمر بأزمة كبيرة لا يمكن مواجهتها إلا بحكومة موسعة ائتلافية. لكن المشكلة الأكبر هو أنه إذا لم تسفر النتائج عن مشهد مختلف عن نتائج الانتخابات الماضية فما العمل؟ هل ستذهب البلاد مرة أخرى إلى انتخابات مبكرة؟ بالطبع هذا مستحيل لأنه سيعني دفع البلاد إلى انفجار كبير ما لم تتشكل حكومة ائتلافية مع المعارضة وهو ما لا يريده أردوغان بأي شكل. حينها كل الاحتمالات ستكون قائمة.