12 سبتمبر 2025
تسجيلهذه شعلة متوهجة أرجو أن تفتحوا عيونكم جيداً عليها، حيث إننا يا أبنائي وبناتي في زمان فتن فيه الناس بكل ما يشير إلى الفوز والنجاح والغلبة والمكاسب الكبيرة.. لا ريب أن أمة الإسلام في حاجة ماسة إلى أكبر عدد ممكن من المتفوقين والناجحين وأهل الطموحات العظيمة، وذلك بسبب ما تعانيه من ضعف على المستوى العلمي والصناعي والمادي، وهذه الحاجة ملحة، لأننا ببساطة، لا نستطيع بناء أمة قوية من أشخاص ضعفاء، ولكن من المهم أيضا معشر الشباب أن تتذكروا شيئاً جوهرياً، هو أن الإسلام يدقق في الأسلوب الموصل إلى الأهداف الكبرى مثل تدقيقه في الأهداف نفسها، ولهذا فإن للنجاح الحقيقي الذي ينبغي علينا جميعاً أن نسعى إليه خاصتين أساسيتين: الأولى: أن يتم بطريقة مشروعة ونظامية، والثانية أن يقرب صاحبه من الله تعالى، أي أن يحفز النجاح الدنيوي صاحبه على البذل في سبيل الله وخدمة الناس والمشاركة في بناء المرافق العامة والنهوض بالأوطان.. إذا استطاع أحدكم أن يحقق نجاحاً في ميدان من الميادين، لكن ثمرات ذلك النجاح استهلكت في المتعة الشخصية وفي التوسع في المباحات، لكن هذا النجاح في نظري لا يكون نجاحاً حقيقياً، وإنما هو نجاح مؤقت ومحدود، ما دامت حياتنا محدودة وقدراتنا على الاستمتاع بها أيضا محدودة، فإن كل النجاحات الدنيوية هي في النهاية محدودة وعابرة. هناك يا أبنائي وبناتي نوع ثالث من النجاح، وتسميته نجاحاً هي تسمية مجازية، وذلك النوع من النجاح الذي يتم عن طريق الكذب والاحتيال والرشوة والغصب وهضم حقوق الآخرين والخروج على النظم والقوانين السارية.. هذا النجاح عبارة عن نجاح وهمي، وهو وبال على صاحبه، وينبغي أن ننظر إلى الناجحين على هذا النحو نظرة إشفاق ورحمة، لأنهم مساكين، وما يظنونه نجاحاً هو عبارة عن نكبة حلت بهم. قال صاحبي: ماذا يعني هذا بالنسبة لأبنائنا وبناتنا؟ قلت: إنه يعني الآتي: أ – الحرص على أي قدر من النجاح والتفوق، لأن ذلك ضروري لراحتكم وسعادة لأهلكم وخير لبلدكم. ب – لا تجعلوا الهم الأكبر الذي يسيطر عليكم هو الحصول على شهادة أو وظيفة أو امتلاك أشياء نفيسة فحسب، ولكن فكروا في كيفية توظيف ما تحصلون عليه من ذلك في أمور تزيد رصيدكم من الحسنات، كمشروع محو الأمية ومشاريع الإغاثة للشعوب الفقيرة مثل (اريتريا والصومال واندونيسيا). ج – اجعلوا مشروعية ما تريدون الحصول عليه هي الشرط الذي لا يقبل التفاوض والمساومة. د – استيعنوا بالله تعالى واطلبوا التوفيق والرعاية في كل ما تسعون إليه.. وتذكروا قول أمير الشعراء أحمد شوقي: فكلوا إلى الله النجاح وثابروا فالله خير كافلا ووكيلا هذا وبالله التوفيق.....