10 سبتمبر 2025
تسجيلتعتبر حرية الرأي والتعبير أحد الحقوق الأساسية التي لا يكاد أي دستور مكتوب يخلو من النص عليها صراحة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن هذا الحق يعتبر نواة وأساسا لجميع الحقوق الفكرية، ودونه لا يمكن الحديث عن قيام هذه الحقوق. ويسعى الانسان بفطرته وطبعه الاجتماعي إلى تكوين نسق قيمي يلتزم به، ويمثل له إطاراً مرجعياً يحتكم إليه في كافة مواقفه وتصرفاته، بهدف تحقيق حالة من التوافق، والتكامل الاجتماعي، ويتلقى الإنسان القيم عبر مراحل حياته الاجتماعية المتعاقبة من خلال المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمحاضن التربوية والثقافية، ومن أبرزها تأثيرا حديثا منصات الإعلام الجديد. فقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية التأثير المتزايد لوسائل الإعلام في توجيه منظومة الحياة داخل المجتمع، بحيث يمكن استخدامها في عملية التطور والبناء وخدمة أفراد المجتمع؛ كون الإعلام وأدواته المختلفة السلطة المؤثرة في المجتمع، وكما يعتبر الدفاع إعلاميا عن قضية أو مبدأ أو رأي مسؤولية وطنية، كذلك يعتبر تصحيح صورة ما أمام الرأي العام المحلي والعالمي مسؤولية أيضًا، وتناول قضايا المجتمع المختلفة يجب أن تكون أداة فاعلة لممارسة الدبلوماسية والديمقراطية الشعبية والاتصال بالمؤسسات التي تضع السياسة أو تؤثر في عملية اتخاذ القرار، وتوجيه الرأي العام، ونقل المعلومات، وتظل ممارسة ودعم حرية الرأي والتعبير الحلم المنشود إذا ما تحقق بصورة متكاملة، فإن ذلك يعكس بالضرورة طبيعة الحالة الحضارية داخل المجتمع. تعد حرية الرأي والتعبير قضية محورية وجوهرية في حياة المجتمعات، وهذه القضية شغلت اهتمام الباحثين والمتخصصين في شتى المجالات، وبرزت وسائل الإعلام وخاصة الإعلام الجديد أحد أهم قنوات التواصل حديثا التي تسعى باستمرار إلى توسيع مساحات حرية الرأي والتعبير، وترتكز على المناقشات والمحاورات وتبادل الأفكار والقضايا المختلفة، وليس على فرض وجهة النظر الواحدة أو الرأي الواحد، لأن الهدف الأسمى للإعلام الجديد هو إحراز تقدم للإنسان وتمكينه من تحقيق حرياته وتحقيق العدالة. كما أن حرية الإعلام هي الأسلوب الأمثل لتحقيق حرية الإنسان وتوفير حياة كريمة وطيبة له، ومن الأمور التي يجب الإشارة إليها هنا هي الارتباط الوثيق بين الظاهرة الإعلامية والرأي العام، فوسائل الإعلام المختلفة، من صحف وإذاعة وتلفزيون وإعلام جديد، لها تأثير كبير في جمهور المواطنين وتوجيههم الواجهة التي تريدها. فضلًا عن ذلك، فإنها وثيقة الصلة ببناء المجتمع ككل، وتتأثر تأثيرًا مباشرًا بالأوضاع الثقافية والاجتماعية والتنظيمات السياسية والبنى الفكرية السائدة في المجتمع. وهذه العوامل تتدخل ليس في رسم السياسة الإعلامية، بل وفي تحديد الأهداف واختيار المادة الإعلامية.