10 سبتمبر 2025
تسجيلفشلت دول الحصار في إقناع المنظومة الدولية والرأي العام الدولي فيما تقوم به ضد دولة قطر من حصار سافر وظالم ولا مبرر له؛ وظنت هذه الدول أنها باختراق وكالة الأنباء القطرية وبفبركة الأخبار والتصريحات قادرة على فرض أجندتها وسياساتها وآرائها على قطر والمنطقة والعالم. هذه الدول ترى أنها تستطيع أن تشتري كل شيء بالمال. الواقع يكشف يوما بعد يوم عكس ذلك وأن مصداقية هذه الدول نزلت إلى الحضيض سواء بين شعوبها أو على الصعيد الإقليمي أو الدولي. خطاب أمير قطر، سمو الشيخ تميم جاء ليوضح لدول الحصار والعالم بأسره وبكل صراحة ووضوح واقتدار أن العلاقات الدولية لا تبنى بجرائم إلكترونية وافتراءات وأكاذيب وتضليل وتهويل. العلاقات الدولية لا تبنى عن طريق مطالب تافهة خالية من أي بعد قانوني أو تشريعي أو أخلاقي وخالية من أدلة وحجج دامغة؛ مجرد افتراءات لم يصدقها حتى من صاغها وأشرف عليها. دول الحصار أخطأت في حساباتها وظنت أن قطر ستنتهي بعد بضعة أيام من الحصار كما أخطأت في إيمانها بأن المال يشتري كل شيء وأنها تستطيع أن تجند العالم بأسره ضد قطر؛ الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق فحتى نسبة كبيرة من شعوبها استاءت من تصرفات صبيانية غير مسؤولة سخرت دول العالم منها.عبر ودروس خطاب سمو الشيخ تميم أمير قطر عديدة وذات مغزى كبير. أولًا لتعلم دول الحصار أن لا مجال للإملاءات وزمن ليّ الأذرع وفرض السيطرة والقوة ولّى منذ زمن طويل. فلتعلم دول الحصار أن دبلوماسية القرن الحادي والعشرين تقوم وتعتمد على الحوار والنقاش والجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل المشاكل والخلافات. ثانيًا سيادة الدول هي أساس وجودها وهي خط أحمر لا يسمح لأي كان بتجاوزه. وهذا يعني بكل بساطة أن دول الحصار إن أرادت أي شيء من قطر وإن قدمت أي مطلب من مطالبها يجب أن تعمل ذلك في إطار احترام سيادة الآخرين وأن زمن الافتراءات والاعتداءات قد ولّى وأن الأمم والشعوب والدول لا تقاس وتقيّم بالحجم والمساحة وإنما بالمبادئ والقيم واحترام الآخرين. سمو الأمير قال بالحرف الواحد إنه من غير الممكن التحاور حول السيادة وحرية التعبير. أين جدية دول الحصار في المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة؟ أليس هذا ضربا من السلطوية والغطرسة التي سخرت منها الأمم؟. من خلال الخطاب أكد سمو الأمير رزانة وقوة الدبلوماسية القطرية من خلال التوازن والتحكم في القرارات وعدم النيل من دول الحصار إلا من خلال القوانين الدولية والمنظمات والهيئات الدولية. الصديق والعدو يشهد لحكام قطر ولشعب قطر والمقيمين على أرض قطر التحلي بالبصيرة والصبر وعدم الرد بالمثل وبالشتائم وبالأكاذيب. من دروس الخطاب والحصار على قطر موقف الشعب القطري وتلاحمه وتماسكه والالتفاف وراء السلطة مما يعني أن هناك علاقة صحية وحميمية بين الحاكم والمحكوم وهذا درس لدول الحصار التي كانت تظن أن النظام القطري لا يستطيع مقاومة الحصار وسينهار مع مرور الزمن. الخطاب أشار إلى المستوى العالي لشعب فُرض عليه الحصار ظلما وبهتانا. فالحياة في قطر تسير بطريقة عادية بل إن الحصار أفرز نتائج عكسية وجد إيجابية لصاحب القرار السياسي في قطر في التفكير في البدائل وبعث سياسة زراعية متكاملة لإنتاج احتياجات البلد من المواد الغذائية وضمان الأمن الغذائي إضافة إلى تنويع مصادر الإنتاج وممرات ووسائل التموين. جاء في خطاب سمو الأمير كذلك استغلال كلمة إرهاب من قبل دول الحصار لفرض أجندتها وسياستها على قطر فحتى القائمة التي قدمت لم تعترف بها منظمة الأمم المتحدة ولا أمريكا ولا القوى العظمى في العالم. وهذا يعني أن القائمة والمطالب لاغية ولا قيمة لها قانونيا. كما ورد في الخطاب أن المنطقة تعاني من الفقر والظلم والطغيان والفساد وهي كلها عوامل تفرز الإرهاب وتعتبر الأرضية الخصبة للحركات الإرهابية. وبالعودة إلى المساس بحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير فما قدمته الجزيرة منذ انطلاقها سنة 1996 يعتبر مكسبا لمن لا منبر له ولمن لا صوت له. وهذا يعني أن مدرسة الجزيرة قدمت الكثير وغير ممكن العودة للوراء في هذا المجال. فالثورة الإعلامية التي أحدثتها قطر تسير قدما للمزيد من الحريات الفردية والديمقراطية في العالم العربي والمنطقة. كما أشار الخطاب إلى الانعكاسات السلبية للأزمة على كل دول المنطقة؛ كما أن مصداقية دول الحصار انهارت أمام القوى الفاعلة في النظام الدولي خاصة إذا نظرنا إلى الجريمة الإلكترونية التي ارتكبتها دولة الإمارات وغيرها من ممارسات الدبلوماسية المارقة التي تعتمد على الكذب والنفاق والتضليل وفبركة الأشياء. فقطر مستعدة للحوار والجلوس إلى الطاولة بشرط ألا يكون هناك تدخل في الشؤون الداخلية وفرض إملاءات. فبعد أربعين يوما من الحصار جاء خطاب الانتصار الأخلاقي والسياسي لدولة عرفت كيف تدير الأزمة المفبركة باقتدار ومهنية عالية جدا. خطاب العزة والكرامة أكد للعالم أن دول الحصار غرقت في مستنقع اليمن وها هي الآن تغرق في مستنقع قطر. الحصار مع الأسف الشديد أدى إلى شرخ كبير في العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي كما أنه شوه السعودية وقدم صورة سلبية جدا عنها في المنطقة والعالم الإسلامي بأسره. كما شوه الحصار العائلة المالكة وأبرز أن دولة الإمارات العربية المتحدة استغلت التغييرات الجديدة في السعودية لفرض أجندتها ومحاولة الانفراد بصناعة القرار في مجلس التعاون الخليجي. الملاحظ لتطورات الأزمة المفبركة يستنتج أن الحملة والخطوات التي تلتها خططت وبرمجت مسبقا وأن المبررات التي استعملتها دول الحصار تدل على ضعف الرؤية والإستراتيجية عند دول أصبحت معروفة في العلاقات الدولية بالكذب والافتراءات والتدخل في شؤون الآخرين والانقلاب الفاشل في تركيا العام الماضي خير دليل على ذلك.