10 سبتمبر 2025

تسجيل

مستقبل العلاقات بين دول المنطقة وإيران في ظل الاتفاق النووي

29 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمكنت مجموعة دول الست وطهران من الاتفاق على ملف إيران النووي الذي ظل محل اهتمام المجتمع الدولي لأكثر من عقد من الزمان، وكان هذا الملف يمثل تهديدا للسلم الدولي ولاستقرار المنطقة ولمستقبل التعاون الغربي الايراني وتأثيرات تلك العلاقة على الخليج ومنطقة الشرق الاوسط بأكملها. نختلف كثيرا مع هذا الاتفاق الذي لم تخرج نتائجه إلى العلن بشكل واضح، وكان هذا جلياً في عدد من التصريحات للمسؤولين في هذه الدول، لكن لا نختلف أن هذا الاتفاق سيشكل عاملاً أساسياً ومحوراً مهماً في خريطة السياسة الدولية وفي تحديد مسار العلاقات المستقبلية وطبيعة التحالفات بين دول المنطقة. وقد اعطى هذا الاتفاق إيران، حق امتلاك تخصيب اليورانيوم أياً كانت القيود وهو مالم يكن ممكنا من قبل ذلك، لتصبح بعد مدة ليست بالبعيدة من الدول النووية وبتصريح رسمي دولي إذا ما سارت معطيات هذا الاتفاق إلى نهايته وفقا لما تم التوصل إليه في تلك المباحثات. إن بنود الاتفاق التي خرجت إلى العلن تتمحور حول تخفيف العقوبات المفروضة على ايران من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ومجلس الامن، وذلك مقابل الحد من انشطة ايران النووية وفتح مواقعها امام عمليات التفتيش الدولية، بالاضافة إلى رفع الحظر عن اموال ايران الخارجية والتي تقدر بحسب بعض المصادر مابين 100 إلى 120 مليار دولار. وهناك بنود اخرى تتعلق فنيا بكيفية المراقبة على المفاعلات ولسنا بصدد التمحص حولها، إذ ان اللافت للنظر هو رفع العقوبات ولو بشكل تدريجي وهذا ماقد تلهث وراءه الشركات العالمية الكبرى وماسيسفر عن نمو الاقتصاد الايراني والذي شارف على الجمود. وبحساب مؤشرات الربح والخسارة يمكن القول إن إيران كسبت موافقة المجتمع الدولي على تطوير برنامجها النووي وقلّلت من مخاطر تعرضها لضربة عسكرية دولية قد تؤثر على طموحاتها التنموية برمتها فضلاً عن ما يتيحه لها هذا الاتفاق من انفتاح على المجتمع الدولي مما يمكنها من الدخول في برامج التعاون الاقتصادي الدولي وهي مزايا كانت إيران تملكها في السابق إلا أنها خسرتها بسبب التوتر الذي شاب علاقاتها مع كثير من الدول. إن إعادة تأهيل إيران غير المشروط وبهذا الشكل سيؤثر على المنطقة برمتها حيث إن مطامع ايران التوسعية لا تقف حكرا على مكان دون غيره، فتراها تدعم وبقوة حزب الله اللبناني، وهي التي تساند بشار الاسد بالعتاد الحربي وغيره حتى لايسقط، كما ان دورها في اليمن ومساعدتها للحوثيين على مدى اعوام اتضحت معالمه للجميع، وهذه الملفات جميعها تثير الريبة والمخاوف في المنطقة تجاه الأطماع الايرانية مما يتطلب وضع قيود عليها، وبعدم ذلك ستصبح ايران شريكا غير مرغوب فيه من قبل المنطقة مما يجعل هذا الاتفاق لا قيمة له وفقا لمصالح دول المنطقة ورغبتها في الاستقرار والسلام والتعاون في ما بينها. لابد ان تكون لدول الخليج العربي موقفا موحدا وواضحا مما يجري حولها وان تكون على قدر المسؤولية والمجابهة لكل الاخطار المحدقة بها. إذا أرادت ايران ـ وأنا أشك في ذلك ـ ان تصبح دولة لاعبة في المنطقة لابد ان ترفع يدها عن التدخلات وان تبني علاقاتها مع دول المنطقة على اساس الاحترام المتبادل وعدم اثارة النعرات الطائفية وعدم التدخل في شؤون الدول الخليجية وغيرها، هنا يمكن ان يتم تقبلها ومعاملتها على اساس الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. إن الاتفاق على الملف النووي لا زال تشوبه الكثير من التساؤلات، وهذا ما دفع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى زيارة دولة الكويت وتبعها بزيارة إلى دولة قطر لشرح وجهة النظر الايرانية حول الاتفاق وتأثيراته على المنطقة، لكن الملاحظ من الزيارة ان الوزير الايراني مازال يحاول القفز على الحقائق بشأن الاحداث بالمنطقة وعدم تدخل ايران فيها، اننا نؤكد ونجزم ان ايران لن تفي بمتطلبات المجتمع الدولي وفترة الستة شهور القادمة والتي سيتم فيها اختبار قدرة ايران على الوفاء بالتزاماتها للمجتمع الدولي، وهذا ما سيكشف النوايا الايرانية وهو ما أشارت إليه دول الخليج بحديثها عن التدخلات الايرانية السافرة بالمنطقة وعدم اكتراثها ومصداقيتها لوعودها التي تقطعها على نفسها بين الحين والآخر برفضها التدخل في شؤون دول المنطقة، إلا ان الواقع عكس ذلك وهذا ما سيسفر عنه امام دول العالم اجمع بعد هذا الاتفاق ومضي فترة الاختبار. لا نريد من إيران إلا ان تكون دولة جارة ولها حق الجيرة في جميع الامور، وفي نفس الوقت لابد ان تحترمنا كدول بالمنطقة وان تبتعد عن مايعكر صفو علاقات المنطقة. واذا ارادت ايران التحول إلى دولة مؤثرة وقوية عليها الاعتماد على دبلوماسية المصالح المشتركة والاعتراف بحقوق الآخرين قبل السعي إلى تحقيق مصالحها. الوصول إلى هذا الاتفاق كلف ايران أكثر من 10 سنوات، لكن فشله لن يكلف ايران سوى ايام قليلة ان لم تتعامل بالحكمة المطلوبة في مواجهة التحديات.