13 سبتمبر 2025
تسجيللا ترفع خشمك! على من؟ على إنسان مثلك.. ومن أنا؟ ومن أنتَ؟ ومن أنتِ؟ حتى نكون هكذا!. بمنصبك أو بجاهك.. أو بعائلتك.. أو أنك تجالس المسؤول الفلاني بن فلان.. أو أنك تعمل في المؤسسة الفلانية ذات الصيت العالي.. أو أنك قريب من فلان بن فلان.. أو أنك صاحب تجارة واستثمارات.. ولك نفوذ هنا وهناك.. أو أنك تقود السيارة الفارهة وبرقمك المميز وغيرك سيارته عادية!، وهنا إذا قلنا أو تم التعبير عن فلان أو فلانة رافع خشمه - أي أنفه- أو خشمها، نقصد أن الأمر يتعلق بصفة خسيسة ألا وهي الكِبر، أو بمعنى - شايف نفسه- وعلى ماذا -نافخ نفسك-؟. تذكر.. أنك يوم ما ستغادر الحياة وتترك كل شيء وراءك وتحمل على الأكتاف، وتكون في مكان مساحته متر في مترين، ويُهال عليك التراب، ويرحل عنك ما كنت تجري له في دنياك - وترفع خشمك-. فلا يغرنك اليوم ما أنت عليه من - رفعة الخشم أو - شايف نفسك- على الغير. انتبه. إنه الخذلان. إنه التردي. وتذكر.. أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا تجاراً ولهم من الأموال ما لهم، وكانوا من عوائل كبيرة، وكان لهم نفوذ وأصحاب مناصب، خلفاء كانوا وقادة وزعماء وعلماء، ما عرفوا يوماً من الأيام -رفعة الخشم- على الغير رضي الله عنهم وأرضاهم، وكذلك التابعون ومن تبعهم بإحسان رحمهم الله، أبهجوا الإنسانية بتواضعهم، هم صُنّاع الحياة في مساحاتها الواسعة. بالله عليكم ماذا تنفع كل هذه المناصب والألقاب والمكانة الاجتماعية والقرب من هذا وذاك المسؤول إذا لم تصحبها قيمة التواضع في مساحات الحياة وازدانت بها، وعرف واجب من حوله، وقام بحقهم خير قيام، وكان الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول « تواضع المرء يكرمه». ما أجمل هذا المشهد يُكرم المرء بزينة التواضع. ما أشنع الكبر. وما أقبح صوره ومشاهده. وإذا خلت الحياة من صور التواضع فسلّم على كل هذه الألقاب والمناصب والوجاهة والمكانة الاجتماعية والأموال التي يمتلكها أصحابها. وجاء في إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله «ما دخل قلب امرئ شيء من الكبْر قط، إلاّ نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك أو أكثر». فلا ترفع خشمك. ألا ما أقبح هذا المشهد. وصدق القائل في هذا التشبيه الجميل، وهو من روائع النُصح: تواضعْ تكنْ كالنَّجمِ لاح لناظرٍ على صفحاتِ الماءِ وهو رفيعُ ولا تكُ كالدُّخانِ يعلو بنفسِه إلى طبقاتِ الجوِّ وهو وضيعُ «ومضة» قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه «يا بُني: إيّاك والكِبر». فلا ترفع خشمك.. انتهى الدرس.