20 سبتمبر 2025

تسجيل

أتبيعُ ناضحك؟

29 يونيو 2016

ليس الكرم يقتصر على ما تعارف الناس عليه أنه ذاك السخاء في البذل والعطاء وتقديم الولائم وجعل المجالس مفتوحة عامرة بالرواد، إلى آخر المظاهر المادية المعروفة.. الكرم يمتد ويتسع ليشمل جوانب أخرى في الحياة. الكرم هو الاستزادة من الأخلاق الطيبة وتجسيدها على أرض الواقع مع الناس، كل الناس. والكرم هو السعي الدائم لقضاء حوائج الآخرين، حتى لو لم يطلبها منك أحد مباشرة، فلو علمت بحاجتهم إلى المساعدة فلن تتردد في المبادرة إلى ذلك.ديمومة الكلمة الطيبة على اللسان وفي كل الأحوال، هو كرمٌ وأي كرم. وبالمثل دوام الابتسامة على الوجه أو التبسم في وجوه الآخرين، من الأنواع المحببة والجميلة للكرم. كما أن الكرم أيضًا يشمل المعاملة الطيبة مع الجميع، دون استثناءات عنصرية أو عرقية أو جنسية. روى جابر بن عبد الله، قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة فقال لي: "أتبيع ناضِحك (أي جملك) هذا بدينار، واللهُ يغفرُ لك؟ قلت: يا رسول الله هو ناضِحكم إذا أتيتُ المدينة (ويقصد أنه سيعطيه للرسول صلى الله عليه وسلم بلا مقابل إذا وصلوا المدينة). فقال صلى الله عليه وسلم: فتبيعه بدينارين، واللهُ يغفر لك؟ قال: فما زال يزيدني دينارًا دينارًا، ويقول مكان كل دينار، والله يغفر لك، حتى بلغ عشرين دينارًا.فلما أتيت المدينة أخذتُ برأس الناضح، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا بلال، أعطه من الغنيمة عشرين دينارًا". وقال: انطلق بناضحك، فاذهب به إلى أهلك! وفي رواية أخرى، قال جابر: فمررت برجل من اليهود، فأخبرته: قال: فجعل يعجب، ويقول: اشترى منك البعير، ودفع إليك الثمن، ووهبه لك؟ فقلت: نعم.هكذا كان الكرم النبوي لا حد له، بل ليس للكرم حدود ولا مجال محدد لمن شاء أن يبذل ويعطي ويكرم الناس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا".