03 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تلقَ الجريمة البشعة التي شهدتها منطقة البقاع بلبنان بإقدام أحد اللبنانيين على قتل آخر أي اهتمام سواء من اللبنانيين أو حتى من الأجهزة الأمنية والقضائية. بل إن القاتل استقبل زائريه لتهنئته على ارتكابه جريمته دون من يبادر لاعتقاله. اللامبالاة هذه ترافقت مع تبعات خطيرة خلّفتها الجريمة وكادت تكون الشرارة لاشتعال فتنة سنية شيعية يواصل لبنان الرقص على حافتها دون الوقوع في نارها. أسباب عديدة ساهمت في التغاضي عن بشاعة الجريمة، فالجاني ينتمي لعشيرة كبيرة في منطقة البقاع، وهو مغطّى سياسياً من حزب الله، وهذا يعني أنه من غير المسموح الاقتراب منه قبل أن الحصول على إذن الحزب. علاوة على ذلك، فالجاني زعم أنه ارتكب جريمته انتقاماً لمقتل ابنه الذي كان في عداد العسكرييين الذين اختطفتهم جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية. صحيح أن القتيل لاعلاقة له بما حصل، لكن بما أن السيد حسن نصرالله شمل من يعارضونه بوصف "الجماعات التكفيرية" واتهمهم بقتل القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين، فقد بات بإمكان الجاني الذي يؤيد نصرالله أن يشمل سكان البلدة التي اختطف فيها ابنه ويثأر من جميع أبناء البلدة. لم يكتفِ الجاني بالإقرار بارتكاب جريمته، بل توعّد بارتكاب المزيد، كل ذلك حصل خلال نقل تلفزيوني مباشر. وهذا أكد أن الأجهزة الأمنية لم تحصل على الضوء الأخضر لإلقاء القبض على الجاني، لأن جهداً تقنياً بسيطاً كان كفيلاً بكشف المكان الذي تحدث منه، لكنها لم تفعل. نعود لأصل الحكاية، القتيل المظلوم واسمه حسين الحجيري هو ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقب "بأبو طاقية" الذي كان له دور أساسي في نجاح عملية تبادل العسكريين المختطفين بين الدولة اللبنانية وجبهة النصرة. وتأكيداً على هذا الدور، فقد خصّه عدد من الوزراء والمسؤولين بالشكر أمام وسائل الإعلام على الجهد الذي بذله لإتمام عملية التبادل. لكن الجاني واسمه معروف حمية مصرّ على اتهام الحجيري بالمسؤولية عن مقتل ابنه (محمد) الذي أعدمته جبهة النصرة بعد اختطافه، رغم عدم توفر أي دليل أو مجرد قرينة تفيد بعلاقة تربط بين الحجيري وابن القاتل، وقد نفى الحجيري مراراً أن تكون له أي علاقة بالأمر.لنتغاضى عن كل ذلك، ولنفترض أن مصطفى الحجيري اعترف فعلاً أنه من قام بقتل محمد حمية. لكن ما علاقة ابن شقيقه الذي يبلغ من العمر 18 عاماً ليكون مصيره القتل؟ ما ذنبه أن يتم إفراغ 36 رصاصة في جسده؟ وأين الدولة اللبنانية بأجهزتها الأمنية والقضائية والسياسية من هذه الجريمة؟ تبعاً لأي منطق عشائري أو ديني أو أخلاقي أو إنساني أو قانوني يحصل ذلك؟ وفي ظل أي غابة وحوش ترتكب جريمة قتل ويصمت الجميع وكأن شيئاً لم يحصل؟ لماذا لم نسمع استنكاراً من الذين صمّوا آذاننا بسرد الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية؟ ما هو موقف حزب الله -الذي يؤيده القاتل- من هذه الجريمة ولماذا لم يصدر عنه أي موقف ولو من باب ذرّ الرماد في العيون؟ أليس المجرم من الذين يصفهم السيد حسن نصرالله في كل إطلالة إعلامية بأنهم أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس؟!. كيف يكون أشرف الناس وأطهرهم وأكرمهم على هذه الشاكلة من الإجرام والهمجية والإرهاب والدموية؟!.بعض من أعمى الله أبصارهم برروا الجريمة البشعة بأن الوالد مكلوم بمقتل ولده ويريد الثأر، وأن... لكن، ماذا لو أقدم والد القتيل حسين الحجيري على الثأر لمقتل ابنه واعتدى على أحد أبناء البلدة التي ينتمي إليها القاتل؟ هل تكون جريمته مبررة، أم أن مناصري حزب الله هم فقط من يُسمح لهم بارتكاب الجرائم ويُتركوا طلقاء؟! أي دين يتبع هؤلاء القتلة، أي أخلاق تسمح لهم بارتكاب ما يرتكبون ويفاخرون بجرائمهم، أي منطق عشائري مجنون هذا الذي يبرر لهم القتل بهذه الطريقة الظالمة والبشعة. هل تتساءلون بعد كل هذا الظلم لماذا يلتحق البعض بتنظيم الدولة الإسلامية؟!.