22 أكتوبر 2025

تسجيل

هكذا اهتز فرعون..

29 مايو 2014

كرسي فرعون هو من أبرز وأشهر الكراسي في التاريخ البشري إلى الآن. وما جاء ذكره في القرآن الكريم إلا لشهرته أولاً، ولأن الله عز وجل أراد بذكره أن يتعظ ويعتبر كل من يجلس على كرسي، أي كرسي مهما كان نوعه، يأمر وينهى ويوجّه ويقترح..على الرغم من هيبة الناس لكرسي فرعون حينذاك، إلا أنه اهتز منذ أن تواترت الأنباء عن وجود فتى من بني إسرائيل، الذي على يديه سيكون زوال ملك فرعون وتحطم كرسيه. وقد وقع فعلاً ما كان يتناقله الناس قبل أكثر من ثلاثين عاماً.. حيث جاء اليوم الذي يقف موسى مع أخيه هارون أمام فرعون، وهو الملك المهاب الذي أذل البلاد والعباد حيناً من الدهر استمر طويلاً. حدثت هزة ثانية له بوقوف موسى أمامه من دون ركوع أو خوف مبين. وبدأ يتحدث إليه من بعد أن شرح الله له صدره ويسر أمره وأحل عقدة كانت في لسانه تعوقه عن التحدث بطلاقة وانسيابية، في مشهد لم يعتده فرعون من قبل..ثم وقعت الهزة الثالثة له بعد أن رأى آيات الله الكبرى، عصا موسى تتحول إلى حية تسعى، ويده تخرج بيضاء رغم سمار بشرته عليه السلام، ومن غير سوء بعد أن يضمها إلى جنبه، فلم يملك فرعون حينذاك سوى دعوته إلى مناظرة كبرى أمام الناس في يوم عيد، ظناً واعتماداً على قوته وأبواقه الإعلامية في إقناع الناس وتزييف الحقائق. كانت الهزة الرابعة له أمام الناس كما أراد فرعون بنفسه وليس بناء على رغبة موسى.. حيث سجد عمالقة السحر في زمانهم لله رب العالمين، من بعد أن رأوا ما كانوا عليه من ضلال، وكيف أنهم كانوا يزيفون الحقائق والوقائع إرضاء لفرعون وبطانته السيئة، التي على إثرها ضاعت حقوق وسالت دماء.لم يصدق فرعون ما رأى، واهتز لذلك بشدة، وبالطبع وصل الاهتزاز لكرسيه الذي آنت شمسه ان تغيب بعد قليل.. فوقعت الهزة الخامسة والأخيرة له وهو يرى انفلاق البحر أمامه وهو يطارد موسى ومن معه من المستضعفين، مغتراً بجيشه وقوته العسكرية، ووقعت رجفة في قلبه من هول المشهد، لكن من أعمى الله بصيرته لا يرى أي مشاهد تقع أمامه ولو في وضح النهار.. بل استمر في ضلاله، واندفع وراء المستضعفين، حالماً حلم يقظة بالقضاء عليهم كما كان يعتقد دوماً بقوته وجبروته، وفي الوقت نفسه يفكر من بعد أن يعود من هذه المعركة في كيفية تثبيت أركان كرسيه المهتز بشدة في قصره..وما بين هذا التفكير وذاك، جاءت اللحظة الحاسمة التي لم يعد بعدها فرعون إلى قصره أو كرسيه.. فقد غرق ومن معه في اليَمّ، وتحطم كرسيه إلى الأبد، وانتهى فرعون غريقاً ذليلاً، وكان بذلك عبرة لمن أراد أن يعتبر، وقليلٌ ما هم..