20 سبتمبر 2025

تسجيل

إدارة الإحباط

29 مايو 2014

الإحباط والفشل جزء من حياة الفرد كما هو الفرح والنجاح، واقتصار الإنسان على أحدهما قد يودي بحياته إلى الملل، هذا أن جاز بأن هناك حياة كاملة من النجاح أو أخرى من الفشل.كثيرا ما نسمع عبارات مفادها أن النجاح في الحياة سلسة من العمليات الفاشلة، كما ورد عن أديسون الذي صرح بأن اختراعه للمصباح الكهربائي جاء بعد ألف تجربة فاشلة، وهذه حقيقة بالفعل، اذ أن الشيء لا يعرف الا بنقيضه، فلو كانت الحياة سلسلة من المسرات، لفقدت المسرة بريقها وتميزها وأصبحت شيئا عاديا لا تطمح النفس إليه، ولا تميزه عن غيره من المشاعر. بعض الناس يخلط بين مفهوم الاكتئاب والإحباط، ففي حين أن الإحباط شعور يخالط الكثيرين ويدفع البعض إلى التفكير في ترك أعمالهم أو الهرب من الالتزامات والواجبات المترتبة عليهم يعتبر الاكتئاب حالة أكثر تقدما، وقد يعد الإحباط عتبة يأتي الاكتئاب بعدها أحيانا، ففي الوقت الذي نفكر فيه التخلص من هذا الإحباط، قليل من الناس يدرك أن الإحباط شعور يمكن إدارته وضبطه، ويمكن اكتساب المهارات التي تساعد على التخلص منه قبل أن يتحول إلى اكتئاب، فالإحباط شعور مؤقت يأتي غالبا من الإجهاد وضغط الحياة أو العمل.هناك نوعين من الإحباط، إحباط عارض وإحباط شبه دائم، الإحباط العارض يعتري بعض الشخصيات التي تصاب بالإنهاك نتيجة العمل المتواصل، ومنها الشخصية القلقة، فقد يأتي نتيجة التوتر وضغط العمل والاستسلام للعجز نتيجة الإجهاد والتعب، كما يأتي عارضا للشخصية المزاجية أو الحدية، فإذا انخفض المزاج لدى هذا الشخص أصبح محبطاً وكئيباٍ، وإذا ارتفع المزاج لديه، نجد ذلك الإنسان منطلق أيّما انطلاق.وإذا كان الإنسان صاحب شخصية حدية، وجب أن يقدر حالته المزاجية، فإذا ارتفعت، ينطلق بالعمل وينجز أغلب المهام التي تحتاج إلى كامل نشاطه وحيويته، وإذا انخفضت فلابد أن يخفف من وتيرة ذلك الأداء حتى يكون أدائه بمستوى مزاجه.وعلى صاحب الشخصية المزاجية أن يراعي بألا يكون أداؤه أكبر من مستوى مزاجه، فلربما كره الشخص ذلك العمل بسبب الارتباط الشرطي الذي تشكّل بين كمية العمل ونوعه، والمشكلة ليست في نوع العمل، وإنما في كميته، ولما كانت كميته أكبر أو أعلى من ذلك المزاج كره ذلك الشخص نوع العمل، ومن هنا تظهر أهمية معرفة الإنسان لشخصيته وفهم متطلباتها حتى يحقق أعلى مستوى من الأداء من حيث الجودة والنوعية. هناك نوعا آخر من الإحباط يكون شبه دائم، فقد نجد أن هناك ما يسمى بالشخصية الاكتئابية وهي التي يشعر صاحبها بالملل والتعب والإحباط دائماً ويعتبر شعوره بالإحباط سمة من سمات شخصيته، وفي الوقت نفسه لابد أن ندرك بأن هناك أمراض عضوية تسبب هذا الإحباط كضعف هرمونات الغدة الدرقية ونقص فيتامين د.تنحصر مسؤولية الشخص الذي يشعر بالإحباط بتحديد نوع الإحباط الذي يعتريه، أو الذي يصيب من حوله حتى يستطيع التعامل معهم، فإذا كان هذا الإحباط عارضا، وجب أن نتعامل معه بعامل الزمن، وبذلك يعود ذلك الشخص إلى نشاطه وحيويته، بحيث نشترك مع الشخص صاحب الشخصية الحدية في فترة النشاط، ونركز في علاقتنا معه بالاهتمامات المميزة التي تفوق مزاجه المحبط، وتكون الشراكة معه في منطقة الاهتمامات المميزة، وبذلك يعطي ذلك الإنسان إنتاجا أكبر في هذه الحياة.الأغلب منا يمر بفترات إحباط مماثلة، وقد يكون هناك سبب مباشر لها، ولكن المبدع منّا من يتقن فن إدارة هذه المشاعر بعد أن يحدد نوع إحباطه إذا كان عارضا أو دائما، ويتعامل معها بحكمة حتى لا ينزلق في الطريق المؤدي إلى الاكتئاب، وهناك الكثير من الوسائل التي تمنح الإنسان تذكرة عبور من مشاعر الإحباط دون أن تترك أثرا مباشرا في ذلك الشخص، ومنها التغيير والتجديد في أسلوب الحياة، والاسترخاء بممارسة بعض الأنشطة الجسدية والفكرية، والمحافظة على التوازن في كافة مناحي الحياة.وكلما زاد استبصار الإنسان بذاته، وأدرك المداخل والمخارج التي يتفاعل من خلالها مع المشاعر المختلفة كالإحباط وغيره، كلما تخلص من هذه المشاعر بسرعة أكبر وأقبل على الحياة بروح متجددة يملأها التفاؤل والرغبة في تحقيق أقصى درجات الراحة.