15 سبتمبر 2025

تسجيل

إسرائيل عالقة في رمال غزة

29 أبريل 2024

قال محمود درويش يوما هذه الكلمات: أنا الأرض والأرض أنت. خديجة! لا تغلقي الباب لا تدخلي في الغياب. سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل. سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل. سنطردهم من هواء الجليل. أنا الأرض... أيّها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها.. احرثوا جسدي! أيّها الذاهبون إلى جبل النار. مرّوا على جسدي. أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس. مرّوا على جسدي. أيّها العابرون على جسدي. لن تمرّوا. لن تمرّوا. لن تمرّوا. أعاد الناطق باسم المقاومة الفلسطينية أبوعبيدة هذا المعنى مرة أخرى عندما قال إن إسرائيل عالقة في قطاع غزة. كيف لا وهي منذ 200 يوما لم تستطع أن تحرر أيا من أسراها ولم تستطع الوصول إلى قيادة المقاومة ولم تستطع تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية. حتى إذا قرأنا الخصائص الطبيعية لرمال غزة فإن قطاع غزة يمتاز بحركة الرمال خصوصا في المناطق المكشوفة مثل خانيونس وطبيعة المقاوم الفلسطيني كذلك مثل رمل الأرض قادر على التحرك واستخدام تكتيكات متجددة لمقاومة قوات الاحتلال وبشكل يتناسب مع تحركاتها من أجل الإثخان فيها بأقل قدر من الموارد العسكرية. أيضا لقد حاول الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان الإجرامي إغراق الأنفاق بالمياه العادمة ومياه البحر لكن مرة أخرى فاجأته التربة الرملية بخاصية تسريب المياه وعدم الاحتفاظ بها. هذه الأنفاق التي كانت الإبداع المقاوم الذي تجلى عن حكاية علاقة المقاوم مع أرضه يحميها وتحميه وهي التكتيك الذي باحت به الأرض لأصحابها فرمالها السهلية التي لا تصلح إلا للزراعة كما كان يبدو أسفرت عن باطنها الذي يمكن أن ينتج واحدا من أقوى التحصينات العسكرية في واحدة من أهم المعارك في عصرنا الحديث. في عام 2013 حاولت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تجنيد أحد العملاء لكي يقوم بشراء كميات من التربة من منطقة منعزلة حددتها له بحجة أنها صالحة للزراعة ولكن الهدف كان إخضاع التربة للفحص المخبري وتحديد عمق الأنفاق في ظل اشتباه أن هذه التربة قد تم إخراجها من الأنفاق وقد استطاعت الأجهزة الأمنية في غزة إحباط هذه العملية. دخل الاحتلال الإسرائيلي إلى بيت حانون في بداية معركة طوفان الأقصى ودمرها بشكل كامل وبعد قرابة 20 يوما من القتال ظن أنه قضى على المقاتلين فيها ليتبين فيما بعد أن عدد المقاتلين الذين كانوا يقاتلونه في بيت حانون لم يتجاوزوا 100 مقاتل وبعد 200 يوم من دخوله لمناطق أخرى تفاجأ بقيام المقاومة الفلسطينية بإعادة ترتيب أوراقها في كل المناطق التي دخلها الاحتلال في شمال غزة بما فيها بيت حانون ليعود ليدخلها مرة أخرى مؤخرا ويواجه فيها مقاومة أدت لقتل عدد من جنوده وتدمير آلياته. وفي خانيونس بعد شهرين من التدمير الذي لم يترك حجرا على حجر كانت النتيجة بالنسبة لأهداف الاحتلال صفرا كبيرا واضطر للانسحاب من خانيونس ورأينا بعد ذلك استقالات لضباط في استخبارات الجيش كما دخل الاحتلال مجمع ناصر الطبي ولم يجد فيه أو تحته غرف تحكم وقيادة للمقاومة ولم يعثر على أسرى له ولا أنفاق للمقاومة مما جعله يشعر بشعور الهزيمة المرير مجددا. في الأيام الأولى للمعركة أوهم قادة الاحتلال الإسرائيلي أنفسهم وعددا من الدول الحليفة لهم وحتى البعيدة عنهم أنه ذاهب للقضاء تماما على المقاومة الفلسطينية إلى مستوى السحق بلا رجعة وربما رجحت بعض الدول التي لا تدرك طبيعة الإرادة والمقاومة الفلسطينية ذلك ثم ذهب الاحتلال إلى الطلب من بعض قادة المقاومة بالخروج من غزة لإيقاف الحرب وهو طلب لا ينم إلا عن جهل وسذاجة. ما زال الاحتلال عالقا في غزة ولم ينجح سوى بقتل النساء والأطفال والإبادة الجماعية وهو منذ 200 يوم يسير إلى الهاوية إلى أن يدرك أنه عليه أن يخرج بما حصل له من خسائر قبل أن تتفاقم خسائره إلى مستوى اللاعودة.