الذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية

يشهد العالم تحولًا كبيرًا في مجال الخدمات المصرفية والاقتصاد الرقمي، مدفوعًا بتقنيات ثورية مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية، تلك التقنيات التي حولت الثورة الصناعية الرابعة من مجرد مفهوم نظري إلى واقع ملموس، وصار لها تأثير عميق على مختلف جوانب حياتنا. ويتوقع العديد من الخبراء أن تؤدي هذه التطورات إلى ثورة مالية وشيكة، مدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة مع ازدياد اعتماد نسبة كبيرة من الأفراد على التقنيات الرقمية وانتشار الجوالات، وستصبح الثمار المترتبة على هذه الثورة المالية متاحة للجميع، مما سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في بنية النظام المالي العالمي. ونحن في ستاندرد تشارترد، نؤمن بأهمية تقديم خدمات مالية شاملة ومتاحة للجميع بصورة سلسة، وتتماشى هذه الرؤية مع الطلب المتزايد في السوق على خدمات مالية مرنة وسهلة الاستخدام، وتُسهم في تعزيز التنوع الاقتصادي، ودعم الشمول المالي والقدرة التنافسية على المستوى الإقليمي. لذلك، فمع تطور المشهد المالي، تواصل ستاندرد تشارترد تطوير خدماتها لتلبية احتياجات عملائها المتغيرة كما أننا نُدرك الأهمية الملحة للذكاء الاصطناعي في تحسين خدمة عملائنا وأصحاب المصلحة، لذلك على مدى السنوات القليلة الماضية، شاركنا بفاعلية في صياغة المبادئ التوجيهية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، وذلك من خلال المساهمة في مبادرات مثل تحالف فيريتاس في سنغافورة ومنتدى القطاعين العام والخاص للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة. ونحن نُشارك نفس الرؤية التي عبّر عنها رافي مينون، رئيس سلطة النقد في سنغافورة، قبل عامين، عندما قال: " يجب أن نبادر بالتغيير والتجديد في أعمالنا وطريقة تفكيرنا، وإلا سيفرض علينا التغيير من قبل الآخرين بطرق قد لا نُفضلها". لذلك نحن نتطور دائمًا لنظل في المقدمة، ونستفيد من قوة الذكاء الاصطناعي لصالح عملائنا والمجتمع. وفي عالم التمويل التجاري، أحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي ثورة في تبسيط العمليات المتعلقة بالوثائق، حيث يقوم بأتمتة إنشاء الوثائق والتحقق منها، مما يقلل من الأخطاء ويضمن الامتثال للوائح، وبالتالي يُسرّع المعاملات ويبني الثقة بين الأطراف. أما بالنسبة لإدارة الخزانة، فهو يُمكّن الشركات من إدارة السيولة والعملات الأجنبية بشكل استباقي، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي بمحاكاة سيناريوهات التدفق النقدي واقتراح استراتيجيات التحوط الأمثل، كما أنه يساعد في التصحيح الآلي لرسائل الدفع، مما يزيد من معدلات المعالجة المباشرة، ويساهم في أتمتة إنشاء التقارير التنظيمية للمعاملات عبر الحدود، مما يضمن الاتساق والامتثال بسلاسة. التحول في الخدمات المصرفية التقليدية في عصر التكنولوجيا المالية والثورة الصناعية الرابعة في خضم المنافسة المتصاعدة من شركات التكنولوجيا المالية (FinTech) وصعود تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، تقف المصارف التقليدية عند مفترق طرق حاسم. وفي هذا الإطار، نؤكد في ستاندرد تشارترد على اتباع نهج استراتيجي يقوم على التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية والشركات التكنولوجية الكبرى للاستفادة من هذه الابتكارات بدلاً من الدخول في منافسة مباشرة معهم. يبرز التحول الجذري في تقديم الخدمات المالية الذي تقوده ابتكارات الذكاء الاصطناعي، خاصة من قبل مقدمي الحلول الأكثر مرونة، من خلال النمو المتوقع في السوق من 6.82 مليار دولار في عام 2022 إلى 27.76 مليار دولار بحلول عام 2027.