28 أكتوبر 2025
تسجيللعلّ الدخول في تجارب الناس العاديين -خصوصا في سوريا- وأمثالِهم وحِكَمهم ومواقفهم التاريخية أكثر فائدة من التحاليل السياسية المتشعّبة التي يدخل العديد منها في التفاصيل حيث ربما يضيع القارئ! ولكن هذا لا يعني بحال العزوف عنها؛ للمتعمّقين. ففي جلسةٍ بجوار مسجد الحي يتحدث هؤلاء البسطاء على فنجان قهوة عن الحدَث السوري المأساوي فيقول أحدهم: (الناس بلاء الناس). فلابد من هذه الحرب كامتحان يجتازه الشعب ليُعرف بهذا الابتلاء من يُكرَم ممن يُهان بعد خمس سنوات، قلت: ألم ترَ أن مولانا سبحانه اختصر ذلك بقوله: {ولو شاء الله لانتصرَ منهم ولكنْ ليبلوَ بعضَكم ببعض والذين قُتِلوا في سبيل الله فلن يُضل أعمالهم، سيهديهم ويُصلح بالَهم، ويدخلهم الجنةَ عرّفها لهم}، [ محمد: 4 - 5 - 6] أليس هذا موجزًا عما يجري في بلدنا اليوم؟ فقال آخر: والله كلنا (مثل الأطرش بالزفّة) غافلون لأن خيوط المؤامرة لا تظهر. فقال الثالث: (لكل زمان دولة ورجال) فقال الرابع: لكن الريّس طُول بلا عقل! فقال الخامس: وكيف تصبرون عليه وإلى متى؟ (فطُول البال يهدّ الجبال)! فقال السادس –وكان قد عاش في إيران– إن جريدة (كيهان) نشرت مقالًا بعنوان: (أسقِطْ حلب تسقطْ دمشق)، فعرفنا لماذا الإعداد لها بقوة منذ سنتين سيما أنه قيل: إن الشهباء لؤلؤة بيضاء في عيون الزمن. قال السابع: لقد نسوا المثل: (شبعان من حليب أمّه)، أي قوي سليم! فأعطانا التفاؤل، فقال الثامن، آخرهم، وكأنه يقف عند أبواب الجنة الثمانية- : (الفرج عند أول الدرج)، (الفرس من الفارس)، فرج الله قريب. فدعا الجميع: آمين آمين. الأول والثامن هما البداية والنهاية بعون الله. أما نحن -المثقفين– إن شاء الله فما ندري هل يقطَع مثقّفُنا - السيف البتّار– أم لا! فالحيرة تتملّكنا من كثرة أذرع الأخطبوط في زرائب الحيوانات العالمية بدءًا بالثعبان اليهودي والديناصورات البوتينية والخامنئية والأُوبامية وزعانفهم الشيطانية الماكرة. إننا نرى سوريا الفيدرالية قائمة للطرح بقوة ولو مستقبلًا، وأن (سايكيس بيكو) 1916م جديدة تُرسم للمنطقة، يتولّى وزرَها في سوريا والبحر المتوسط أداةُ الاستعمار بشار وزمرة الفُجّار، ولذا فوَعْد (بلفور) قد أتى بعد سنة منها بتآمر فرنسا وبريطانيا على فلسطين، وكلما أراد الاستعمار الجديد التدخل في مناطقنا اصطنع حُجَجَاً أوْهى من خيط العنكبوت، فعلى سبيل المثال لا الحصر اتهموا العراق بأسلحة الدمار الشامل لاحتلاله، وسبب النفط والغاز دائم لأساسيته في مصالحهم، وسوريا التي كانت وما زالت حجر الزاوية لكونها معبر القارات والنفط، فلا بد من إعادة تشكيلها. وتأبى روسيا إلا أن تكون هي المبادِرة فهجمت مؤخرًا لتأمين قاعدة (حميميم) إضافة لقاعدة (طرطوس)، وتجريب سلاحها الجديد على أرض ليست أرضها، وأرادت أن تضع أوباما على المحك في قضية (أوكرانيا)، ولكن روسيا بهذه المناورة والمداورة تريد أن تفرض وإيران الحلّ العسكري وليس السياسي، ومع ذلك تلعب مع الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات لعلّ وعسى..يتنازل العالم لـ بوتين ليخفّف الأكلاف عن بلاده، وينتقم من تركيا بعد إسقاط طائرتها. أما أوباما –خصوصا بعد القمة السعودية الأمريكية- فمع أنه يغازلها ولكن الحقيقة لا تغطّى بغربال، فهو يظهر التأييد والميل بعد الاتفاق النووي لإيران، وكم بدا أوباما باطنيًا وصاحب تقيّة كخامنئي حين كان يقول بعدم شرعية الأسد، أما اليوم فلابد من بقائه والذهاب لحل سياسي، وأن لديه القدرة للضغط على روسيا وإيران! فلو كان هذا صحيحًا لاستطاع والمجتمع الدولي أن يفيدوا في فك الحصار إنسانيًا خصوصا في (داريّا) و(مضايا) حيث تصرّح الأمم المتحدة أن وضعهما الإنساني وخيم للغاية! أفكان هذا يحدث لو أن هؤلاء السوريين كانوا من اليهود أو من سكان محاور الشر المعروفة! وهل نحن ذاهبون إلى إدارة جديدة للصراع ملؤها الميكافيلية والطائفية والثراء غير المشروع! ولكن بعضهم يقول: داعش! وهل هي إلا غطاء لأعمالهم، فقد صرّح العميد (أحمد رضا بوردستان) قائد القوى البرية الإيرانية: إننا كرسميين لن نرسل وحداتنا إلى سوريا؛ لأن داعش ليست عدونا الأساسي! 27-4- 2016م. وختامًا: فلا بد لنا من تخطيط إستراتيجي بعيد الأمد وآخر تكتيكي للتعاطي مع واقعنا، وهل يلعب بنا الغرب والشرق ويقيمون مسرحية جنيف إلا لأمرين: 1- كسب مزيد من الوقت ليرتبوا أوضاعهم ويعملوا على فرض الواقع؛ حيث عجزوا عن تدمير الثورة.2- كسب مزيد من الجواسيس يعملون هادئين ليقضوا على قياداتنا ويشرخوا الفصائل، متعاونين أولًا وأخيرًا مع الصهاينة، وهذا ثابت جزمًا ولذا فعلينا إنشاء منطقة آمنة بالتعاون مع تركيا والحزم والعزم والاتحاد ورصّ الصفوف، فإن اللانظام حتى بإقطاعه سوريا المفيدة! سينش بأسياده دولة أو دويلة مهما قلّ عددها، لكن الشعب السوري يقول: إن نعمة التعدد مع التسامح هي الحق، لا نقمة الانقسام!