10 سبتمبر 2025

تسجيل

قانون الاستثمار لحماية الفساد أو لزيادة التدفقات إلى مصر؟

29 أبريل 2014

أصدرت مصر قانوناً جديداً يهدف إلى جذب المستثمرين وتشجيعهم لضخ المزيد من الأموال في البلاد، خصوصا أن هذا القانون سيمنع أي طرف ثالث من الطعن في العقود المبرمة مع الحكومة ، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول الهدف من القانون وهل هو لجذب الاستثمارات أو لتحصين الفساد، خاصة في حالات العقود المجحفة في حق مصر، لأن القانون يوفر الحماية التي يتوق إليها بعض رجال الأعمال بعد أن انتابت حالة من الفزع المستثمرين العرب والأجانب بعد ثورات الربيع العربي، واضطر البعض إلى الهروب من الساحة والهجرة بأمواله أو توقفها، أو نقل أنشطته الاستثمارية إلى ملاذ أمن سياسي واجتماعي بعيدا عن العنف والاضطرابات، وكانت مصر من أكبر الدول تأثرا من ضعف تدفق الاستثمارات نظرا لاستمرار تردي الوضع الأمني وما يصاحب ذلك من اضطرابات وعنف، حتى يعود الاستقرار والأمن إلى حالته الطبيعية لأن مصر بحاجة ماسة لأي أموال جديدة بعد أن انخفض الاستثمار الأجنبي فيها إلى 3 مليارات دولار في 2013 وهو ما يقل بمليار دولار عن السنة السابقة، كما انخفض الاحتياطي الأجنبي إلى مستوى ينذر بالخطر بلغ 13.4 مليار دولار في العام الماضي، وسجل الاقتصاد نمواً هزيلا بلغ2.1 %، لأن هروب الاستثمارات وتوقف المصانع ونزوح الخبرات من الأيدي العاملة المدربة تلحق وستلحق بالاقتصاد خسائر فادحة، لذلك جاءت محاولات الحكومة المصرية معالجة هذا الوضع ببعض التشريعات غير المدروسة والمتسرعة التي في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، وأثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والقانونية، لأن عوامل هدمها أو إلغائها أكبر من عوامل بقائها، خاصة ما يصطدم منها مع الدستور ، بدعاوى كثيرة منها أن هذه القوانين تكرس للفساد بل وتحميه أيضا، خاصة الصفقات المشبوهة التي باعت فيها الحكومة العديد من الشركات الناجحة بغرض الخصخصة، واتهمت الدولة ببيعها بثمن بخس فيما يعكس ممارسات فساد في قطاع الأعمال في حقبة الرئيس الأسبق مبارك، والتي ألغت المحاكم المصرية بعضها، مما تسبب في أضرار للمستثمرين الأجانب، الذين يمارسون ضغوطا للحصول على مزيد من الضمانات لتأمين أموالهم في مصر. لأن كثرة إلغاء النظم والتشريعات وعدم استقرارها أو ثباتها يؤدي إلى المزيد من التخوف وعدم الثقة والتراجع في حجم الاستثمارات الواردة، وهذا على عكس ما يراه البعض الذي يؤيد هذه التشريعات والقول بأن مصر بعد هذا القانون سوف تشهد تدفقاً في الاستثمارات لن يقل عن 15 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة، لأن هناك فرصاً ضخمة في قطاعات السياحة والصلب والتعدين والمصانع التي تعتبر الأكبر بالشرق الأوسطوالحقيقة أنه لابد من العمل على بث الطمأنينة في نفوس المستثمرين المحليين والأجانب حتى لا يفكروا في النزوح والهروب، وحتى نقلل أو نعوض السوق عن الخسائر الاستثمارية التي تلحق به، خلال المستقبل المنظور على الأقل، بسبب فقدان الثقة في بيئة العمل الاستثماري، نتيجة للتحولات السياسية العميقة والتراجع اقتصادي غير المسبوق،والمصحوب بتصاعد حدة الاضطرابات الأمنية والاجتماعية، لأنه من المنطق أن الاستثمارات تطرق دائما أبواب الآمنين المستقرين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في المقام الأول حتى قبل البحث عن البنى الأساسية ومستويات الأسعار ومعدلات التضخم والإعفاءات الجمركية والضرائبية وغيرها من المحفزات الاستثمارية وأهمها آليات الاقتصاد الحر سهلة التطبيق، التي تحمي رؤوس الأموال وتضمن حرية انتقالها، إلى جانب توافر الطاقة الرخيصة والأيدي العاملة الماهرة، إلى جانب التشريعات والنظم القانونية المتطورة والمتوافقة مع الاتفاقيات الدولية ومعايير الأنظمة المحاسبية ومؤسسات المال والنقد العالمية، وفوق كل ذلك الالتزام الحقيقي بكل تلك العناصر التي تخلق المناخ الاستثماري المواتي والصحي ، لأن ذلك يعد الضمانات الأساسية للثقة في الاقتصاد ، ولجذب الاستثمارات واستقرار ونمو الاقتصاد ، وضمان حقوق المستثمرين وسد الطريق أمام مسببات الخلل والفساد و أسباب هروب المستثمر المحلي قبل الأجنبي.