17 سبتمبر 2025

تسجيل

تبديل القوانين والتشريعات كوسيلة لاغتيال حضارتنا من داخلها "2"

29 أبريل 2013

أما سوريا فقد ظلت تعمل بالقوانين العثمانية ومجلة الأحكام العدلية في فترة الانتداب الفرنسي باستثناء قانون الملكية الذي أصدرته سلطة الانتداب الفرنسي في كل لبنان وسورية عام 1930م، وبعد إعلان استقلال سوريا تغيرت القوانين، وأخذت عن القوانين الغربية، وبدأ ذلك عام 1947م، وفي عام 1949م، حدث انقلاب تشريعي نتج عنه ثلاثة قوانين: القانون المدني، وقانون العقوبات، وقانون التجارة، وهي مأخوذة عن القوانين المصرية والعراقية واللبنانية. وقد تم في أغلب البلدان الإسلامية العدول عن الشريعة إلى القوانين الوضعية، وأخذت بالنمط الأوروبي في الدساتير والأنظمة الإدارية. ولم يبق حتى عام 1966م، سوى السعودية وأفغانستان من الدول التي حافظت على النظام الإسلامي. وفي بحثه القيم: "الإسلام في المجتمع العربي" يعرض علي عبدالواحد وافي لاقتران القانون والتشريع بالأخلاق والعرف الاجتماعي، ويبدأ بحثه قائلا: إن مظاهر الانحراف عن الإسلام في المجتمع العربي ترجع إلى نوعين: أولهما: يتمثل في انحراف النظام والقوانين عن الإسلام، وثانيهما: يتمثل في انحراف الأفراد في حياتهم الخاصة. والنوع الأول أشد خطرا لأنه يؤدي إلى انحراف الأفراد ويصعب إصلاحه. وينقل "وافي" على بعض مواد قانون العقوبات المصري الخاصة بجرائم الزنا وهتك العرض؛ ثم يذكر أنه يتبين من هذه المواد أن الزانية لا توقع عليها عقوبة إذا زنت برضاها ولم تكن متزوجة، أو كانت متزوجة ولم يرفع زوجها الدعوى عليها.. كما أن الزاني لا يعاقب إذا زنى بامرأة غير متزوجة برضاها أو متزوجة ولكن زوجها لم يرفع الدعوى عليها أو رفعها ولم تسمع منه.. وإذا زنى الزوج خارج منزل الزوجية فإنه لا يعاقب...". إن هذه القوانين تعبر عن تقاليد الغرب وعرفهم الخلقي، ومعاييرهم للفضيلة والرذيلة، أما نحن فإننا لم نصل بعد إلى هذه الدرجة من الحضارة.. ونسأل الله سبحانه ألا نصل إليها. ومواد القانون المصري في هذه المسائل وغيرها لا تختلف كثيرا عن مواد القوانين في أكثر البلدان الإسلامية. ومن هنا نتبين كيف أثّر الغزو الفكري الحضاري الغربي على المسلمين، ودفعهم إلى سن قوانين تخالف أخلاقهم وعرفهم الاجتماعي، فضلاً عن مخالفتها لدينهم وشريعتهم. وبعد، فإن هذا "الغزو" الذي استمر في بلادنا الإسلامية، يخرب قيمنا وأخلاقنا وثقافتنا بعد انتهاء الاستعمار السياسي العسكري، لا يمكن أن يواجه بالسلبية والتجاهل، أو الحظر، وإنما يوجه بتيار مضاد يرده ويدفعه بعيدا عن أمتنا وعلينا أن ندرس كل وسيلة من الوسائل السابقة دراسة علمية مفصلة وجادة، ثم علينا أن ندرس طرائق دفع أذاها، وطرائق استبدال بآثارها الفاسدة ما هو صالح ونافع. والله الموفق.