15 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو دعم القطاع الخاص.. غير المستنزف ثقافياً

29 مارس 2022

لبناء استراتيجية ثقافية مبنية على دعم المجتمع ومعطياته، لا بد وأن يكون المجتمع معززا لنفسه في الإمكانيات قبل أن تبني له الاستراتيجية أهدافها التي تود تحقيقها من خلال هذا المجتمع. هذه ليست معادلة معقدة، إنما هي توجه عكسي للنظر هذه المرة لغاية المجتمع نحو تفاعله الواقعي عبر الاستراتيجية الثقافية على الصعيد الإبداعي لتحقيق الأهداف المرجوة ليس بشكلها الكمي، إنما النوعي وبعيدة المدى، خاصة ونحن نركز على الثقافة بين منظوري الفكر والواقع، كونها خطاباً ومشروعاً مراد تحقيقه. بالتالي يتحقق الهدف بالتأثر، بالتعلم، بالمهارة وغيرها من سبل الالهام لتمكين الممارسة. ومن هنا أوجه هذا الشأن لرواد الحضور الثقافي البارز، هل يصح الحضور الإبداعي بغياب المهارة والممارسة؟! وهنا أعتقد تكمن آلية تفكيك تلك المعادلة المعكوسة، لأن من خلال هذا المنظور الاستراتيجي لا بد وأن نبحث عن المبدعين في الساحة الثقافية ونحدد مدى ومستوى تمكينهم الإبداعي حتى اليوم. إن خصصنا من خلال هذا العمود الصحفي محور المهارة التي تندرج تحت مظلة الثقافة المتجددة، نتوجه في هذه الحال نحو المجتمع محاولين اكتشاف امكانياتهم الإبداعية والحفاظ على مهاراتهم كي تكون جزءاً مستمراً ومكملاً لحراك ثقافي متكامل، بدلاً من وجودها كاسم بأثر سابق من دون مدرسة ابداعية تؤهل أجيالا تعمل على نفس الأثر. ومن وجهة نظري أجد أن غياب الحاضنات الثقافية الإبداعية بشكل عام يأتي بسبب الاتكالية والضغط المجتمعي على المؤسسة الثقافية لتقوم بالأدوار الرئيسية لصالح المثقف المبدع لبناء وتعزيز المشهد الثقافي، وقد تكون هي الحاضنة المرجوة من قبل المجتمع أيضاً لاستقطاب المواهب الإبداعية كافة. وهذا الأمر يعتبر قد يحد من التجديد الاستراتيجي بحسب عطاء المجتمع له، خاصة عندما نلاحظ بأن مخرجات ذلك المجتمع فقد مهارته الفنية ووقف عن الاستمرار. فالمجتمع لابد وأن تكون له حركته الخاصة. وحتى نضمن بناء مشهد ثقافي حيوي، لابد وأن نفكك المعادلة من خلال بناء الطموح النهضوي في الجانب الثقافي الابداعي، حيث ان خطاب النهضة في هذه الحال لابد وأن يتمحور حول قضية التجديد الفكرية واسقاطها على الواقع باستراتيجية ثقافية فعالة وبشكل مستمر يعزز من التصور الذهني لاتساع دائرة التمكين والاستقطاب الابداعي كي تكون أشمل ومعنية أكثر بالاستدامة واستكمال المسيرة. وهذا الخطاب لابد وأن يكون أقل اتكالاً وأكثر عطاء من حيث زيادة التمكين وتقوية المهارات. ولا بد من منح القطاع الخاص هذه الفرصة لتفكيك عقدة المعادلة وتشجيعها على الانخراط والمشاركة الفعالة كجزء مهم اليوم في تجديد المشهد الثقافي - استراتيجياً. ولا يزال للنخبة الثقافية بالتأكيد الدور الأمثل في تسيير هذه التوصيات لبناء حراك قائم على التجديد ولا يقف عند دائرة الاستنزاف. ولا شك بأن المثقف يعتبر العنصر الفاعل والوسيط الحيوي، إذ تظل طبيعة النظام الطريق الأمثل لفهم الدور الذي يمارسه المثقف لتقديم كافة التوصيات المناسبة للنخب الثقافية المحركة لعجلة التجديد، بشرط أن يكون دور المثقف واضحا، وعمله بارزا ولا يستثنى الشباب حتى كجزء محرك ومنطلق في تلك المسيرة الإبداعية اليقظة. وهذه توصية أخرى، حينما تكون المشاركة الشبابية موسميه فلن تنضم بسهولة إلى الدوائر الثقافية الضيقة، لأنه قد تكون المسألة تشجيعا لحظوياً وليس دفعاً للاستمرار، إنما التعامل مع تلك المشاريع الشبابية يجب أن تكون بشكل مستدام، يعطي دافع العطاء المستمر، والتحفيز الواعد لتمكين القطاع الخاص في المجال الثقافي – الإبداعي والذي سيكون المحرك الفاعل في عملية الابداع المستمر والحفاظ على المهارات المكتسبة بشكل أفضل وأكثر تأثيراً وعلى مدى أبعد. وهذه تركيبة متجددة للثقافة تصلح أن يتبانها القطاع الخاص ليظل الابداع باستحقاق! هنا تكتمل الخطة الاستراتيجية الثقافية لتحقيق هدف الاستمرارية والتبشير بالوعي الذي ينتج مشاريع ثقافية متنوعة وبحس إبداعي منطلق.