19 سبتمبر 2025

تسجيل

اغتيال حضارتنا من داخلها

29 مارس 2014

تحركت جيوش مصر بقيادة إبراهيم باشا، ومستشاره سليمان باشا الفرنساوي بحراً من الإسكندرية عام 1823م، باتجاه كريت وشبه جزيرة المورة مركز التمرد الصليبي، وفتح نافرين ودخل أثينا عام 1823م، وبعد أن أجهضت القوة الإسلامية التمرد اليوناني الصليبي كشفت الصليبية الأوروبية عن وجهها الكالح، فأعلنت بسط حمايتها على بلاد اليونان، بل إن روسيا كان تدعم التمرد اليوناني علناً، ورأت أن الفرصة سانحة لدخول اسطنبول وإعادتها إلى عهدها السابق مركزاً للصليبية والوثنية، ووقف الإنجليز إلى جانب روسيا. وأجبرت الدولة العثمانية على معاهدة "آق كرمان" في عام 1832م، وأهم بنودها: يحق لروسيا الملاحة في البحر الأسود ومرور سفنها من المضائق العثمانية دون تفتيش، ورغم أن المعاهدات قد عقدت بسبب التمرد اليوناني الصليبي، فإنها لم تذكر شيئاً عنه، وبعد قليل تقدمت انجلترا بطلب إلى الدولة العثمانية أن تتوسط لأن هذا يعد تدخلا صريحا في شؤونها الداخلية، فإن هذا الرفض من جانب الدولة العثمانية حجة تذرعت بها أوروبا لإعلان الحرب مرة أخرى.اتفقت روسيا، وفرنسا، وانجلترا على إجبار الدولة العثمانية لإعطاء اليونان استقلالها، بمعنى فصلها عن جسد الدولة الأم، ورفض السلطان العثماني، فأمرت الدول الأوروبية أساطيلها بالتوجه إلى سواحل اليونان، وطلبت من إبراهيم باشا التوقف عن القتال فكان جوابه طبيعياً بأن يتلقى الأوامر من خليفة المسلمين، ومن أبيه.ودخلت الجيوش الأوروبية المتحالفة إلى مرفأ "نوارين" دون أن ترفع أعلام الحرب، لذا فقد كان دخولها دخول خديعة وقامت هذه الأساطيل بمباغتة الأسطول العثماني المصري المشترك وغدرت به وأطلقت عليه النيران فهزمته هزيمة نكراء وأغرقت السفن، وهي مفاجأة لم يكن يتوقعها، وبالتالي لم يعمل لها أي حساب – وبسبب هذه المعركة الغادرة انقلب الحال، فأصبحت القوات العثمانية في موضع الضعف والانهزام بعد أن كانت في موقع القوة والنصر، واستقبلت الشعوب الأوروبية هذه الحادثة بمظاهر الفرح والسرور، ولقد قتل من جيش محمد علي أكثر من 30 ألف جندي وهكذا تحقق مخطط الأعداء فاضعفوا قوات محمد علي وفصلوا جزءا من ديار الإسلام عن الدولة العثمانية، لقد قامت فرنسا وانجلترا بعمل مزدوج، حيث شجعوا السلطان على إرسال جيش للقضاء على التمرد في بلاد اليونان، ثم قضوا على ذلك الجيش ولما رأى محمد علي باشا ما حل به أمر ولده بالانسحاب وقامت القوات الفرنسية بأخذ أماكن جيش محمد علي المنسحب وقامت فرنسا وانجلترا بعقد مؤتمر قرروا فيه فصل بلاد اليونان عن الدولة العثمانية على أن يحكمها حاكم نصراني تختاره الدول الثلاث وصدق الله حيث يقول: "وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال".