10 سبتمبر 2025
تسجيلتحدثت في مقال سابق عن الحكمة من حدوث الأمور السيئة في حياتنا وأنه أحيانا الإنسان يرى الموضوع بعين البصر الضيقة المحدودة وليس بعين البصيرة الثاقبة، فعندما نُصاب بسوء غير مفهوم ولا نجد له مبررات أو أسباباً علينا بالصبر وألا نتسرع في الحكم، فالحياة عبارة عن رواية من عدة فصول، فلا تتسرع في الحكم وانتظر للنهاية حتى تعلم حكمة الله عز وجل في ذلك القدر، وأن الخير يمكن في الشر أحيانا. وهنا تحضرني قصة من التراث الصيني عن أن مزارعاً فقيراً في قرية كان يملك حصاناً، وكان أهل القرية كذلك مزارعين فقراء، ولكنهم لا يملكون أي حصان وفي ذات صباح تجمع أهل القرية عند المزارع الفقير وقالوا له: ما أسعدك! ما أحسن حظك! كلنا لا نملك حصاناً وأنت تملك حصاناً يساعدك في الزرع ويحملك إلى حيث تريد، التفت المزارع إليهم باسماً وهو يقول: ربما، وفي ذات صباح اختفى حصان الرجل الفقير، فتجمع أهل القرية فقالوا للمزارع: يا مسكين، يا تعيس الحظ، هرب حصانك، هرب الذي كان يساعدك، ما أسوأ حظك. فالتفت المزارع إليهم باسماً وهو يقول: ربما، وفي فجر صباح الغد، رجع الحصان وبصحبته حصان وحشي قد ألف حصان المزارع فتجمع أهل القرية عند المزارع فقالوا: ما هذا الحظ العظيم! يا لك من محظوظ، قد صار عندك حصانان، يا لهناك، فالتفت المزارع إليهم باسما وهو يقول: ربما، وفي مغرب ذلك اليوم وعند انتهاء العمل، أحب الابن الوحيد للمزارع أن يركب الحصان الوحشي ليتألفه، فامتطى ظهره، وما هي إلا خطوات حتى هاج الحصان الوحشي وسقط الابن وكسرت يده، فأتى أهل القرية للمزارع قائلين: يا لرداءة حظك، يا لحظك العاثر، ابنك وحيدك كسرت يده، من سيساعدك في حراثة الأرض؟ من سيشارك في العمل بعده؟ يا لك من مسكين، فالتفت المزارع إليهم باسما وهو يقول: ربما، وتمضي أيام قليلة، وإذا بالجيش الصيني داهم القرية وأخذ كل شباب القرية، إنها تتأهب لخوض حرب قادمة لعدو قريب يتربص دخل الجيش بيوت الفقراء، أخذوا كل الشباب لم يدعوا أحدا، لكنهم عندما دخلوا إلى بيت المزارع الفقير، وجدوا ابنه مكسور اليد، قد لفت يده بجبيرة، فتركوه فتجمع أهل القرية عند المزارع وقالوا: لم يدعوا شاباً من شبابنا إلا أخذوه، ما تركوا أحدا، ما تركوا إلا ابنك، ما هذا الحظ العجيب !! يا لقوة حظك.. ما أسعدك، فالتفت إليهم المزارع باسماً كعادته وهو يقول: ربما. ونرى هنا إذا أن الخير لا يعرف إلا من الشر، فبالضد تتميز الأشياء والشر ضروري لتدعيم الخير، والخير والشر كما نرى من قصة المزارع تتقلب فيها طبيعة الإنسان، فهي طبيعة من طبائع الحياة كما الليل والنهار. خاطرة،،، ولأنه لا يمكن لأي من الخير أو الشر أن يستمرا إلى الأبد، وبما أن الشرّ قد دامَ طويلًا فمن المُحتَّمِ إذن أن الخير ليس ببعيد عنه. من أقوال ميغيل دي ثيربانتس- كاتب وروائي إسباني