14 سبتمبر 2025
تسجيل* من الماء إلى الماء وعلى طول الخريطة العربية يمشي الحزن ناشرا وجعه العصيب لتجز أعصاب الأحياء الذين تبقوا على قيد الألم بعد من قضوا تحت الركام، أو في قاع البحر أو على قارعة الطريق، بطلقة، أو دانة، أو صاروخ، أو من برد أو جوع، ثوب الكآبة لا يهترئ أبدا بل يتجدد، والإنسان العربي المشرد، الموجوع، الضائع، المرتحل، اللاجئ، المغترب، المقصي، المسجون، الملاحق، المعذب بمضغة في صدره اسمها قلبه وهو مضطر أن ينزعه من مكانه ليسكت الوجيب، والارتعاب، والخوف!! وأي خوف والبعض يموت أمام البعض، والبعض يذبح أمام البعض، والبعض يشنق أمام البعض؟ أي خوف؟ أي حزن؟ أي وجع؟ أي غربة؟ من يستطيع الشعور بآلام إنسان يودع وطنا سكنه الخراب وكل شيء فيه وقع؟ يودع بيته المهدوم على لحمه، وقطعا من روحه تحت الركام ليركض بأمه المسنة، أو رضيعه الباكي، أو أطفاله المفزوعين؟ من يستطيع فهم ألم روح تنتزع شروشها جبرا، غصبا من مكان أحبته، وعشقت منازله، تنفست عمرا بساحاته، شهدت جمال صباحاته وأنس مساءاته، كركرت فيه الضحكة، وفرت فيه الدمعة، من يستطيع أن يترجم الألم عندما يكون فظيعا، وحشيا، فوق قدرة البشر على الاحتمال، والموت المجاني يقطف أرواح من يشاء ويحصد ما يريد من أنفس، وعزة الإنسان تغتال كل يوم، وإنسانية الإنسان تهان كل يوم؟ من يستطيع؟؟؟ يبدو أنه استطاع حل حالة البكم التي تجتاحني شخصيا أمام الألم لتعجزني الكتابة، ويخونني التعبير، هو استطاع أن يلخص القضية، ويشرح المعاناة، ويستشعر الألم الفادح، ويعزف ألمه، ويغني وجعه، بكلمات نازفة باكية (خدوا المناصب، والمكاسب، لكن خلولي الوطن) إنه الإنسان (لطفي بو شناق) الفنان الذي لخص مأساة الإنسان العربي الضائع وطنه، المسلوبة إرادته، المهانة إنسانيته، المحتمل فوق قدرته على الاحتمال ورغم ذلك يتمسك بحلمه اليتيم.. أنا حلمي كلمة واحدة ... أن يظل عندي وطن لا حروب، لا خراب، لا مصايب، لا محن خدوا المناصب، والمكاسب، لكن خلولي الوطن!!.من يملك دموع عينه أو ألم روحه وهو يسمع لطفي بو شناق ينزف دامعا.. خدوا المناصب، والمكاسب، لكن خلولي الوطن؟ واثقة بأنك لو سمعته سيستحضر خاطرك جراح خارطة الأمة العربية بضياعها، وتفتتها، وانكسارها، وذلها، وهوانها، ومهانتها، وأوجاع ناسها، وستبكي، وما أصعب البكاء على وطن!.* قضية* لأن بناء الإنسان قضيتهم الأولى ولأن أعينهم على إعداد قادة الغد، ولأنهم يلتفتون إلى ما لا يلتفت إليه غيرهم، شكا المدرسون في بريطانيا لوزارتهم أنهم لاحظوا أن الأطفال يأتون إلى المدرسة وأعينهم نصف مغمضة وقد أهملوا القيام بواجباتهم المنزلية، وعزا المعلمون حالة الأطفال إلى السهر اليومي أمام التلفزيون والذي أدى بدوره إلى شحوب وجوههم، وعدم تركيزهم، وعلى الفور تحركت الوزارة واستحدثت نظاما جديدا بالمدارس الابتدائية يتلخص في توقيع عقد بين المدرسة والأسرة يلزم الآباء بأن ينام الطفل مبكرا جدا بحيث يحصل على 12 ساعة (نوم) ليتمكن من الاستيعاب، ونفذت الفكرة ولاقت نجاحا هائلا! السؤال هل يمكن تطبيق هذا النظام في شرقنا العربي وعلى أطفالنا الحلوين؟ وهل ستقبل الأسر التوقيع على عقد بالنوم المبكر والالتزام به؟ وهل يمكن أن نأمر أطفالنا بالنوم في ساعة محددة فيناموا؟ أتصور أن الأمر في (شرقنا) لن يمر بالسلاسة المطلوبة، إلا إذا أخذ الأمر مأخذ الجد، إذ بمشاهداتي أجد أن الصغار لا يأبهون بتعليمات الكبار، وأن التراخي في التربية كبير، يعني التنفيذ شبه مستحيل، ثم إن كبارنا (شاطرين) يسمعون الكلام وينامون مبكرين، أما صغارنا فيسهرون مع (الآي باد) لما بعد منتصف الليل، ليصبح الاستيقاظ للمدرسة صباحا معركة يومية بين الأم وأطفالها، وفي كثير من الأوقات يركض الأطفال إلى الباص دون أن يتناولوا فطورهم، أو يأخذوا متعلقاتهم! مؤكد أن سهر الأولاد لساعة متأخرة مشكلة تربوية تستحق التناول الإعلامي، والتعاون بين المدرسة والبيت، كما تستحق من الآباء الحزم، الاهتمام، والمتابعة لتدعيم تركيز الأطفال، وأعتقد أن بعض الشدة مطلوب للقضاء على المشكلة، ومن يجرب سيلحظ الفرق.* طبقات فوق الهمس* كما يهرب الناس من المدن الإسمنتية إلى (البر) للترويح عن النفس، كانت تعشق مغادرة ممالك الكذب إلى بادية الصدق. * ظهر عاريا..لم يخجل..كان بلا ضمير.