22 سبتمبر 2025
تسجيلاستقلال قطاع الصناعة عن الطاقة ضروري لحشد الطاقات القصور في كثافة التشابك الصناعي نتيجة لغياب رؤية للواقع الصناعي. هي نتيجة لغياب الوعي لأهمية قطاع الصناعات التحويلية والخفيفة. أو طغيان رؤيه بديلة وهي ربما إنشاء الصناعات الثقيلة أولا. ووضع الصناعات الثقيلة على رأس الأولويات الصناعية. ومهما تكن الظروف الاقتصادية ومصادر التمويل ورؤية علاقة الصناعات الثقيلة بالواقع الاقتصادي ومصادر الطاقة.. أو تسرب معتقد عدم أهمية السوق المحلي لمحدوديته وصغره فإن صرامة تلك الأسباب لم تعد ضاغطة بل إن الأوضاع المستحدثة وتغير الأحوال جعل من مراجعة الأسس التي وضعت عليها تلك الاستراتيجية أمرا ضروريا. وإدراك أن كلا من الشركات الكبيرة والصغيرة كل له مساهماته المختلفة والضرورية للاقتصاد . والحاجة لوضع استراتيجية تواكب التطورات المستجدة في الواقع الاقتصادي أمرا ملحا. وعدم استقلالية الجهة المنوط بها وضع تصور لواقع الصناعة دليل على ضعف التوجه لإنشاء تشابك صناعي قوي يربط بين الصناعات الثقيلة والخفيفة. نتيجة لوجود قناعة بأن الصناعة هي وليدة الطاقة. أي أن لا صناعة من دون الطاقة ولذلك وضعت الصناعة في خاصرة الطاقة وليس العكس. أي أن الصناعة هي النطاق العام والطاقة هي جزء من القطاع الصناعي . ولكن ما نرى هو أن الصناعة هي مجرد إدارة في وزارة الطاقة. قد يكون هذا مقبول في بداية المشوار وفي الوقت الذي كان التركيز فيه على الصناعات المتعلقة بالنفط والغاز. وفي مرحلة التركيز على السوق العالمي. ولكن هذا المفهوم أصبح عقيدة معطلة لاكتمال المنظومة الصناعية. خاصة في الوقت الحاضر وفي الوقت الذي تطالب فيه الدولة القطاع الخاص بالعمل والمشاركة في تنويع دخل الدولة بعيدا عن الطاقة وبمشاركة الصناعة على وجه الخصوص. ومن أجل ذلك وإذا كان هناك نية لإعطاء الصناعة هامشا للمساهمة في التنمية فلابد من إعطاء الصناعة الاهتمام من حيث وجود جهة مسؤولة مستقلة منوط بها وضع رؤية واستراتيجية لتحفيز وتنشيط القطاع وتوفير التمويل والآليات والبيئة القادرة على استنهاض الصناعة. من حيث توفير الدراسات والبرامج الداعمة وتوفير مظلة للمبادرين والصناعيين وإيجاد الحلول لمشاكل القطاع. من التشريعات وحتى الإجراءات وإلى المناطق الصناعية مرورا بالحاضنات الصناعية . وإيجاد فرص للمستثمرين والقطاع الخاص وتوجيه الاستثمارات والترويج للمشاريع وتحديد الصناعات المنشودة والتي تلائم التوجهات العامة وتوجهات الدولة والتي تجسد بين الصناعات وتخلق تشابكات تعمل على إثراء القطاع الصناعي وتوفير المدخلات الصناعية للمشاريع الجديدة وتمكين أصحاب المبادرات من الحصول على حاجاتهم من السوق المحلي مما يوفر الجهد والوقت ويجعل من الممكن القيام بإنشاء شركات صناعية قادرة على تقديم منتجات للمستهلك بجوده وخدمات يرضى عنها المستهلك وبأسعار منافسة تمكن المستهلك من الاستمتاع وتمكن الشركات المحلية من النمو بمعدلات تخدم الاقتصاد الوطني وضع الصناعة كإدارة في وزارة الطاقة إجحاف بحق الصناعة. ومن أجل تصحيح ذلك الوضع لا بد من إنشاء وزارة للصناعة مهمتها العناية بالصناعة وإدارة شؤونها وحمايتها من الظروف الطارئة وتوفير الموارد والتمويل المشاريع وحل هذه المعضلة هو قدرة أصحاب القرار على الرؤية بوضوح للمشهد الاقتصادي ككل. وتصور الحاجة والمكانة التي تستحقها الصناعة كقطاع اقتصادي مستقل عن الطاقة وأن كان في الماضي دعت أسباب مرحليه لمثل هذا الحل إلا أن المرحلة الحالية ورغبة الدولة في قيام قطاع صناعي فاعل ومساهم في الناتج المحلي وداعم لتنوع الاقتصاد تحتم منح القطاع الصناعي استقلاليته عن قطاع الطاقة. وأن كان هناك إدراك لأهمية قطاع الطاقة فلا ضير من تكوين إدارة تعني بأمور صناعة الطاقة. ولكن الطاقة تحت مظلة الصناعة والمفهوم الأعم هو الصناعة وصناعة الطاقة المفهوم الأضيق. ليس هناك شك أن قطر حققت نجاحات في إدخال الصناعات الثقيلة وصناعات البتروكيماويات. وتلك مرحلة استدعت التركيز على الصناعات الثقيلة لما لها من إسهام في الناتج المحلي. ولعدم قدرة القطاع الخاص على إنشاء وإدارة وتمويل تلك المشاريع في ذلك الوقت. وإلى درجة ما زال الوضع مشابها وأن تمكن القطاع الخاص في العقود الأخيرة من أخذ المبادرة وإنشاء الكثير من المشاريع الكبيرة مما أعطى القطاع الخاص دورا أكبر في الاقتصاد المحلي. وهيأه للقيام بدور أكبر مستقبلا. ولكن اليوم نحن في صدد إعادة تقييم الاستراتيجية الصناعية ومدى جدوى تلك الاستراتيجية في الوقت الحاضر وكيفيتها ومدى مواءمتها وطموحات الدولة وتطلعات المواطنين ورؤية الحكومة. هل ما زالت الاستراتيجية هي الأفضل لتحقيق غيات الجميع أم أنها استوفت ما وضعت من أجله وأصبح من المحتم وضع تصور جديد ورسم مسار حديث يواكب إنجازات الدولة ويمهد لتحقيق إنجازات إضافية. أي أن إعطاء الصناعة استقلاليتها وتمكينها من حشد الطاقات والجهود لتحقيق نجاحات صناعية تؤسس لاقتصاد معرفي. مما يحتم وجود آليات ومكانزمات لتحويل الأفكار والمبتكرات لمنتجات نافعة وخادمه للمستهلك. ودور الصناعة في هذا هو الأساس. وهذا منحى جديد وبعيد عن الطاقة. وحتى تقوم الصناعة بدعمه وإنضاجه تحتاج لنهج جديد وخارطة طريق تدرك ذلك الدور المنوط بها. وإلا فإن الكثير من المشاريع الصناعية ستبوء بالفشل.