10 سبتمبر 2025
تسجيلفي هذا العام كان الاحتفال بمرور (84) عاماً على ميلاد سفيرة النجوم "فيروز" الآن .. وفي هذه اللحظة من عمر الزمن أعود نصف قرن إلى الوراء . إلى تاريخ 25 / 6 / 1968 موعد افتتاح إذاعة قطر .. الحلم الذي تحقق .. جل العاملين من الأشقاء العرب وعدد زملائي من أبناء هذا الوطن والذين يشغلون الأعمال البسيطة أقل من عدد أصابع اليد الواحدة "عبدالعزيز عيد الكواري ، يوسف السويدي ، أحمد فخرو ، عبدالله الكعبي ، وعدد من السائقين منهم عبدالله وبوناصر" في تلك الفترة كانت فيروز تحتل مكان الصدارة في الأغاني الصباحية . فيروز لم نكن نعرفها وهذه حقيقة . كانت سميرة توفيق وصباح الأشهر من مطربات بلاد الشام . ذات يوم وكنت أخطو خطواتي الأولى في الإذاعة . طرح عليّ أحدهم سؤالاً وكأنني مسؤول في الإذاعة "يا أخي كل يوم هذه التي تمومي !!" كان القصد أنها مثل القطط .. في تلك الفترة كان "صابر الصفح وأغنيته الوحيدة .. "ما أحلى القهوة .. من إيد الحلوة .. لو كانت مرة .. تبقى حلوة" النشيد الصباحي اليومي .. مرت سنوات . كبرنا .. تعرفنا على فيروز .. إنها صوت آخر .. بخلاف ما التصقت بآذاننا من أصوات عربية وخليجية . إنها لا تشبه أحداً . في المفردة واللحن والمضامين. واكتشفنا أمراً آخر . أن فيروز هي إشراقة الصباح في معظم الإذاعات . وأنها ماركة مسجلة لا يمكن أن تقلد حتى وإن كانت هدى .. شقيقتها .. فيروز هي خلقت حتى تحتل كل هذه المسافات . وأن تؤثر في الأذن العربية من المحيط إلى الخليج . وأن الزمان بخيل بتقديم مثل موهبتها ومثل موهبة أم كلثوم ، أسمهان ، عبدالوهاب ، وديع الصافي ، محمد بن فارس وضاحي بن وليد وعوض الدوخي وزهور حسين وصباح فخري .. كيف يجود الزمان وليس هناك الرحابنة ولا بيرم التونسي ولا رياض السنباطي ولا أحمد باقر ولا أحمد الزنجباري ولا عبدالعزيز ناصر آخر .. فيروز ضمت العالم بين راحتيها . لأنها ضمت الماضي والحاضر .. ذهبت بصوتها الشجن إلى بغداد الرشيد والمأمون .. ورحلت إلى بلاد الأندلس . قدمت شعراء وملحنين بجانب الأخوين كنز الكلمات واللحن وقدمت للساحة "زياد" طعم آخر وشكل آخر .. وثورة على كل شيء.. حتى على الذات . غرفت من الموشحات .. ساهمت في إطار المسرح الغنائي.. حاولوا ذات يوم أن يقدموا نسخة بالكربون منها .. أحضروا العبقري بليغ حمدي .. وقالوا إنها ستكون .. والمؤسف أنها انطفأت سريعاً إنها عفاف راضي .. ومنذ أن ظهرت فيروز وهي تقطع كل المسافات بالإبداع منذ أن احتضنها "حليم الرومي" ولكن محطاتها أكبر من أحلامنا .. تنتقل من لبنان إلى كل الأقطار . وتغرف من معين الألحان . تمزج هذا بذاك . ولكن تقدم كل هذا تحت عنوان واحد "إبداعات فيروز" هنا جبران ، أحمد شوقي ، وهنا فليمون وهبي ، وسيد درويش وعشرات الأسماء وقبل هذا وذاك . هنا المحافظة على القيمة .. نعم قيمة الفن والفنان والإبداع .. ذلك أن الفن رسالة .. ورسالة سامية .. وقبل أن يبادر أحدنا صاحبه بمفردة "صباح الخير" تغرد فيروز "أعطني الناي وغني" أعتقد أنه اللحن الوحيد لذاك اللبناني "نجيب حنكش" ولكن مع ذلك فقد خلّد ذكره .. هذه المبدعة .. فيروز .. يا عقداً من الألماس .. ذهب الباقون وسوف تبقين .. لأن هناك فرقا .. نعم .. فرق بين التبر والتراب !! [email protected]