18 سبتمبر 2025

تسجيل

لا يكلف الله نفساً...

29 يناير 2015

لا تحمل أكثر من طاقتك. قاعدة حياتية قابلة للتطبيق ليس على الأحمال المادية فحسب، بل على النفسية أيضًا، والتي تكاد تهد الجبال أحيانًا.. ومثلما أن الحذر واجب حين يرفع أحدنا الأحمال المادية تفاديًا لمشكلات قد يقع أحدنا فيها كالتواءات أو تشنجات أو انزلاقات أو تمزقات من تلك التي يعرفها جميعنا، فإنه يهمنا كذلك التحذير من رفع الأحمال النفسية.حين تحمل هم أمر مستقبلي ولو كان بسيطاً ، فإنه يساوي حمل مئات الكيلوجرامات من الأغراض والأمتعة الشخصية في البيت أو غيره.. فما بالك لو بدأت تحمل همومًا متنوعة، بل ما بالك لو بدأت تحمل همومك وهموم غيرك ممن حولك من الأهل والأصدقاء والأحباب؟ إنك فعلًا تكون قد بدأت في الدخول لمناطق خطرة عليك، وستكون نتائجها بعد قليل من الدهر ذات أثر سلبي وضار عليك دون ريب.ليس يعني حديثي أن نتجنب أنفسنا والآخرين من حولنا ولا نهتم بهم ولأحوالهم وهمومهم .. لا، ليس هذا الذي أدعو إليه، ولكن كما اعتدت سابقًا في دعواتي، أن نكون متـزنين ووسطيين ومنطقيين في أمورنا الحياتية المتنوعة، لا إفراط أو تفريط.إن حمل الأثقال النفسية ليس بالأمر الهين، ويتطلب قدرة كبيرة على ذلك، لأن عدم وجود تلك القدرة يعني حدوث خلخلة كبيرة في حياتك، وتؤدي دون ريب وبشكل متدرج إلى حدوث انهيار كبير يتمثل في انفلات للنفس عجيب، وفقدان القدرة على السيطرة، وبالتالي القيام بأفعال وسلوكيات غالبًا تكون مدمرة للنفس قبل ما حولها من أحياء وجمادات.المشكلة ليست في حمل الأثقال المادية أو النفسية، ولكن في الطريقة التي تحمل بها الأثقال. وكما ينصح الأطباء حين ترفع ثقلا أن تكون وضعية جسمك بشكل معين كيلا تحدث لك انزلاقات في العمود الفقري أو مشكلات في العضلات، فكذلك حين تحمل همًّا أو ثقلًا نفسيًّا أن تعرف كيف تحمله ولماذا تحمله وما أنت فاعل به. فكما أنك حملت ثقلًا ماديًّا لأجل نقله من موضع إلى آخر، فكذلك الأمر نفسه مع الأثقال النفسية، التي لا يجب أن تبقى على ظهرك إلى ما شاء الله، بل الأصل أن يكون الحمل من مكان إلى آخر وبأسرع ما يكون وتعالجه بالسرعة الممكنة، فالحياة أقصر من أن تعيش تحمل هموم ومشاكل غيرك، فما عندك يكفيك الى آخر العمر.. عافاكم الله جميعاً وبارك في أوقاتكم وحياتكم.