11 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أن ودعنا عام 2013 بكل ما به من إيجابيات وسلبيات قد يرى البعض أنها مؤلمة إلى حد القسوة المفرطة ، إلا أنه مع بزوغ 2014 بدأت بعض اقتصادات العالم تتنفس الصعداء والخروج من عنق الزجاجة، ليظهر بصيص، ولو كان ضئيلا، للسير صوب التعافي الضئيل، الذي نعتبره خطوة على مسار النمو، إلا أن ذلك قد لا يتحقق إذا لم نتبن خطوات جادة تضمن استمرار الانتعاش، والمزيد من الحوكمة والرقابة على البنوك والمؤسسات المالية ، وفي ذات الوقت عدم التضييق على الاستثمارات والحركة الاقتصادية والتجارية بشكل عام، تجنبا للآثار السلبية التي صنعت الأزمة العالمية التي ما زلنا نعاني من آثارها منذ 2008 وحتى الآن واستنادا إلى التقارير الدولية المتخصصة فإن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن الاقتصاد العالمي، قد ينمو بنسبة 3.2% هذا العام، بالمقارنة مع 2.4% عام 2013، مع استعادة النمو في الدول النامية وتحول الاقتصادات عالية الدخل إلى الأفضل، ولكن قد لا تعبر هذه التقديرات عن الواقع أو قد تتصف بالبعد عن الحقيقة كثيرا إذا ظلت الأخطاء السياسية والإخفاقات في السياسات النقدية التي فجرت الأزمة السابقة، ولا ننسى التأثيرات السلبية في حال استغراق الاقتصاد الأمريكي في الحلول الاستثنائية لفترات أطول، مع ما يتسم به من عدم الشفافية أو المصداقية، ومخاطر ذلك على الاقتصادات التابعة والمرتبطة به، التي تكون أكثر قابلية للتأثر بالخلل في الاقتصاد الأمريكي أو تراجعه؛ لأن النمو في الدول النامية يقوى بفضل الوتيرة السريعة للنمو في الاقتصادات عالية الدخل والعكس، ومن ثم فإن التوقعات تشير إلى بطء النمو في الاقتصاد العالمي على الرغم من ارتفاعه إلى 5.3% للعام الجاري بعد أن سجل 4.8 % عام 2013 وهي نسبة أبطأ من المتوقع، إلا أنه من المؤشرات الإيجابية التي تستحق أن نتعرض لها هو تحرك نسبة النمو في منطقة اليورو بعد عامين من الركود الثقيل والعميق في الوقت ذاته، من المتوقع أن تنمو بنسبة 1.1% في العام الجاري، في ظل تباطؤ نسبة التضخم الذي انخفض من 0,9% إلى 0,8 مع نهاية شهر ديسمبر الماضي، مما يدعو إلى التفاؤل الحذر من الارتداد أو حدوث انتكاسة جديدة تكون صادمة للاقتصادات العالمية، لأن هناك مخاطر كامنة تحت السطح، فالمنطقة على الرغم من أنها تخرج من حالة ركود إلا أن نصيب الفرد من الدخل لا يزال في انخفاض في العديد من البلدان.وإن كان معدل النمو في أوروبا قد بلغ 0.4 %، إلا أن ارتفاعه هذا العام إلى 1.1% فقط يعني أنها نسبة لا تزال ضعيفة ومتدنية مقارنة بأمريكا، ولكن مقارنة بالسنوات الست الماضية فإنها تعد إنجازا ملحوظا ومؤشرا إيجابيا.كما تسهم منطقة الشرق الأوسط بجزء كبير في حالة الضعف والبطء الاقتصادي النسبي نظرا للظروف السياسية التي تمر بها وأهمها حالة عدم الاستقرار في دول الربيع العربي والصراع الدائر في سوريا والامتدادات الإقليمية له في لبنان والأردن، ولكن على الرغم من أن منطقة الخليج العربي تشهد استقرارا سياسيا، وفوائض مالية ضخمة جراء عائدات النفط والغاز، إلا أن تأثير التهديدات الأمنية ومشكلات البنية الأساسية، والعقوبات الدولية المفروضة على إيران وتراجع صادراتها النفطية أدى إلى تراجع النمو في المنطقة بنحو 0.1 % في 2013، ومن المتوقع أن يظل النمو ضعيفا في ظل الظروف السياسية الراهنة التي تسود معظم دول المنطقة العربية التي تعاني أساسا من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، إضافة إلى أزمة الدين الخارجي والداخلي التي بلغت في دولة مثل مصر قرابة 300 مليار دولار، ومن بين الاقتصادات ذات المؤشرات الإيجابية، الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن تسجل الانتعاش الأكبر بنمو يقترب من 3% للعام الحالي مقارنة بـ 1.8% العام الماضي.