بناء علاقات وليس عداوات

تنمية وبناء العلاقات وليس منعها أو تشويهها هي سياسة أخلاقية دبلوماسية تتخذها الدول الناجحة والمستثمرة والتي تفهم معنى تقوية العلاقات وبناء المصالح فيما بينها وتأتي على رأسها الاخلاق في اللفظ والقول ، ودراسة مفهوم ومعنى الكلمات أو التصريحات قبل الادلاء بها أو نشرها على العامة والشعب .  فتعرف السياسة بأنها طرائق قيادة الجماعة البشرية وأساليب تدبير شؤونها لما فيه من خير لها ولمنافعها ، أما الأخلاق فتعرف بأنها مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري على نحو ما يعتقد أنه خير وتجنب ما ينظر إليه على أنه شر. فالأخلاق والسياسة ماهيتان مختلفتان بطبيعتهما، لكنهما مكملتان لبعض في نفس الوقت ، ويمكن دمجهما في تفاعل متبادل ترعاه أجواء الحرية والاعتدال، لأن الفضيلة السياسية أو الأخلاق في السياسة لا يمكن أن تنمو وتطور في مناخ يسوده التطرف  وخطابات العنف والكراهية والغلو وغياب حقوق المواطنة والعدالة والمساواة والمشاركة والتعبير عن الرأي .  وتستحضرني مقولة تولستوي الروائي الروسي والمفكر الأخلاقي  وداعي للسلام قائلا  : إن الشر لا يقتل الشر كما النار لا تطفئ النار، بمعنى أن طريق الخير لا يمر بوسائل الشر أبدا مهما كانت المبررات ومهما كانت نتيجة هذه الغايات والنوايا الحسنة المغلفة بالشرور والأحقاد . فعندما أدلى وزير الخارجية الاماراتي بتغريدة يسيء فيها للشعب التركي ولجدودهم ، فكان بالأحرى أن يدرس هذا القول قبل أن يقوله وأن يتوقع رد الفعل الذي على حد علمي أنه لم يفطن إلى خطورة هذا القول أو التصريح الذي زعزع العلاقات الاماراتية التركية ، وشوه سمعتهم وفق استياء ورد فعل غاضب من الشعب التركي ، مما جعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخرج عن صمته و يرد بشخصه عليه ويقول له :  حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة ، أين كان جدك أنت ؟  أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟ وعليك أن تلزم حدودك فأنت لم تعرف الشعب التركي ولم تعرف اردوغان أيضا أما جدود أردوغان فلم تعرفهم ابداً .  خاطرة ،،، فصل السياسة عن الأخلاق كان أحد أسباب تدهور حياة معظم سكان الكرة الأرضية ، ونتج عنها الفقر ، الحروب ، الدمار ،العنف ، الكراهية كلها طفحت عندما فقدنا العنصر الأخلاقي في التعامل مع الاخر ومع المختلف عنا ، وكم هي صحيحة مقولة المفكر الجزائري مالك بن نبي حين قال : “إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح ، فإن السياسة بلا أخلاق خراب الأمة ”  .