11 سبتمبر 2025

تسجيل

انطباعات حول مهرجان الكويت لمسرح الشباب العربي (5)

28 ديسمبر 2017

(8)    ريا وسكينة: الكويت كان بحق ختامها مسكا.. واحدة من أجمل وأحلى العروض.. حصد معظم جوائز المهرجان، ومن حسن حظي أنني قد توليت إدارة الندوة التطبيقية بعد العرض.. نعم استحضر المؤلف- المخرج أحمد العوضي.. ذات السيرة.. وقد شاهدنا هذا العمل عبر السينما المصرية منذ نجمة إبراهيم وأنور وجدي.. مرورًا بالإطار الكوميدي عبر شريهان ويونس شلبي.. ولاحقًا تعددت الأعمال المرتبطة بريا وسكينة حتى كان العرض المسرحي الشهير ريا وسكينة عبر استحضار بهجت قمر وفرقة الفنانين المتحدين وكان لي شرف الإسهام في إحضار الفرقة إلى وزارة الثقافة والفنون والتراث.. هنا وإن اتكأ المؤلف المخرج على ذات الفكرة إلا أن الواقع الذي تم طرحه مختلف، نعم المضمون حول جرائم الأختين ريا وسكينة.. مع أن الدراسات التي ظهرت في هذا العام تؤكد أن الأمر كان مغايرًا لما تم تداوله، وإن الاستعمار البريطاني قد شوه الأمر، لأن الأختين كانتا تمارسان دورًا وطنيًا، ولكن الوقائع الأخرى تدرج دور كلتيهما في ممارسة الأعمال المنافية للأخلاق.. الكاتب والمخرج أضاف.. وقدم العمل على مستويين.. المستوى الأول لرجل الأمن، والذي يرمز إلى السلطة.. ولكن أين يجلس؟ لقد وضع كرسيه عبارة عن مقعد الحمام، وكأنه يرمز وبشكل واضح إلى الفساد المستشري لدى كل العسكر وكل إحكامهم، وهذه النقطة في غاية الأهمية.. وكيف أن اللعبة تبدأ من عنده ومن ثم تنتهي من عنده، سواء في جلب الضحايا وتقديمهم للأختين وقيامه بتقسيم الغنائم.. أما المستوى الآخر فكان القبو وما يتم ممارسته في داخله.. فكرة ذكية.. أيضًا في الأعمال السابقة وبخاصة مسرحية شادية كانت الضحية ابنة إحداهن.. هنا استحضر الكاتب ابنًا لريا.. وهذا الابن كان يمثل الوجه الآخر لأفعال أمه وخالته، كان صورة لصحوة الضمير الإنساني.. ومثالًا للخير.. ولكن ماذا بمقدوره أن يفعل؟ نعم هو غير راض عما يجري أمامه، هذا العمل قد تكامل فيه كافة عناصر العرض المسرحي من ديكور، إضاءة، مؤثرات... الخ، وأخيرًا.. فإن الأفكار كما قيل مرمية على قارعة الطريق.. والتأثير والتأثر منذ الأزل.. والأجمل كيفية المعالجة والطرح والتناول.. نعم ذهب الكاتب إلى واقع آخر، في وطن آخر.. بموضوع آخر عن المنطقة.. ولكن ماذا طرح من خلال كل هذا.. وكيف عرّى سيطرة العسكر.. والرشوة واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وما يدور في الخفاء.. من فساد وموت للضمير.. وكيف يكون مصير الإنسان المغلوب على أمره سوى الاستسلام والانهزام ومعاقرة الخمر.. إنه نموذج سيئ للأب.. ولكنه معذور.. فماذا بمقدوره أن يفعل وهو مكبل بالإطار الأسري المغلف بالإفساد.. عمل استحق كل الثناء وحصوله على معظم الجوائز. وأخيرًا.. انتهى العرس المسرحي الشبابي.. فهل يغلف أيام شبابنا النسيان؟ هل من المعقول أن يكون الناتج فقط عرض لمدة ساعة واحدة ولمرة واحدة، لماذا لا يتم استمرار مثل هذه الأعمال في الملتقيات العربية في ظل غياب قهري للنشاط الشبابي.. الآن نحن في مسيس الحاجة إلى الحراك المسرحي وفي كل الاتجاهات.. لا يكفي أن يغلف واقعنا المسرحي هذا الإطار من الضبابية.. هذا العرض القطري وعبر جهود شبابنا نقله في مسارنا وما أكثر الفعاليات المسرحية العربية حول العالم العربي، خاصة أن القائمين على الحراك المسرحي يؤمنون بدور وأهمية المسرح بعيدًا عن الدعم المادي.. نعم يرحبون بالقدرات ولكن دون مكافأة.. وبأكل بطن الإنسان، ولا أدري حقًا من هو صاحب هذا الاقتراح!!