28 أكتوبر 2025
تسجيلقبل أن تحط الطائرة على أرض المطار قبض على قلبي حزن غريب وأنا أقرأ أول ما يطالع الداخل إلى صالة الوصول (اللهم اجعل هذا البلد آمنا) ملأني هذا الدعاء بشجن جعلني أفشل في السيطرة على صوت بكائي المسموع حتى حسب المجاورون لي أني أفقد عزيزا أبكي لفراقه، كان صعباً أن أقول للعيون التي تلتفت ناحيتي مندهشة أو متعاطفة نعم انه عزيز، إنه مصر، الوطن الذي تنهال عليه الرماح من كل صوب وليت القاتل عدو بل هو على تراب مصر ولد ويموت وفي قلب ترابها يدفن. تتوقف السيارة في الإشارة ألمح متظاهري الميدان اسمعهم يهتفون (شلنا حسني جلنا حسين داهية تاخد الاثنين) ثم تتصاعد صرخات (إرحل) مش فاهمة حاجة، صعب عليَّ الفهم! أين ذهب شعار الجيش والشعب إيد واحدة؟ رغم ابتعاد السيارة عن المشهد رحت أرهف السمع إلى شعارات الثوار لألحظ أنها كلها معادية للمجلس العسكري والشرطة معا! ما الذي أصاب الشباب ما الذي أوجعهم فجعلهم يفقدون الثقة في الجميع؟ لم تتأخر الإجابة طويلا جاءت عبر راديو السيارة بأخبار محزنة عن قتل ودهس لشباب الثورة المعترضين امام مجلس الوزراء اعتراضا على فرض الجنزوري لتشكيل حكومة جديدة ومازال الدم يسيل، والعنف الدموي يحكم الشارع دون أي مبرر مقنع، عشنا عمرا نسمع ونقرأ (الشرطة في خدمة الشعب) حتى رأت عيوننا الشرطة في قاهرة المعز تتفانى في خدمة الشعب بالرصاص الحي، والمطاطي، والخرطوش، وقنابل الغاز، والسحل لتقتل العشرات ثم تلقي ببعضهم في حضن (الزبالة)! مفزع أن تتعامل الشرطة مع الشعب على طريقة (التار البايت) فتنتقم من الشباب بوحشية جديدة على الشارع، محزن، ومخز أن نرى في الشريط الفضيحة سيادة الضابط وهو (بينشن) على وجه ثائر من الثوار وعندما أصاب الهدف هتف الجندي الذي يجاوره (جدع ياباشا الرصاصة جت في عينه) فيرد الباشا رداً ملؤه التشفي متمنيا إصابة العين التانية، صورة قميئة، مفزعة، تشي بعدوانية الشرطة المفرطة بل بعدم أمانتها لتوفير أي أمن أو أمان، وأي أمان وكل أداء الشرطة فيه توحش ويشي بأن جهاز الشرطة محكوم بعلاقة عاطفية حميمة مع نظام المخلوع مبارك الذي ما كان أبدا مباركا بل كان شؤما ووبالا وخرابا على مصر وناسها الطيبين. إن الحزن والأسى والموت والاقتصاد المتهاوي والفوضى، والبلبلة، والتناحر وتقاذف الاتهامات بين الاخوة والتخوين وضياع الامن والامان في مصر، وكل مؤامرات تركيعها وتضييعها تجعلنا نقول وبإصرار (حرام إعدام مبارك) حرام جدا، الحلال أن نصلبه في ساحة ونقطع من لحمه الحي كل يوم ما نلقيه لكلاب السكك الجائعة حتى يموت جاثيا وهو يطلب الرحمة، لن يشفي غليلنا إلا القصاص منه وبأبشع الصور فكل من يرى ما آل إليه الحال في مصر يحزن أو يبكي، ولا أحد يدري لماذا لحد الآن لم ينته السيد المشير من محاكمة مبارك المحبوس منعماً في سجن عشر نجوم بينما الأمن المركزي يهجم مسعورا على مجروحي الثورة المعتصمين بالميدان مطالبين بحق العلاج! هل الحكاية عشرة وعيش وملح أم أن المشير نفسه يخاف أن يأتي دوره في المحاسبة كما يقول الثوار؟ إن غداً لناظره قريب، وسنرى. طبقات فوق الهمس * القتل، والسحل، والفوضى، والبلطجة، والبلطجية وعمايلهم السودة كلها تشي بأن حسني مبارك هرب من محبسه ويدير بنفسه من مكان ما دفة الخراب في مصر المخطوفة! * سؤال ساذج يراودني هل يطمع المشير في حكم مصر؟ هل من أجل ذلك يتباطأ لتضيع أم الدنيا ثم لا يبقى غيره مخلصا؟! * بعد كل عنف وقتل للشباب نسمع عن لجنة تقصي الحقائق التي تتحول إلى لجنة خفي الحقائق، طبعا بأوامر من فوق! * يدي على قلبي خوفا على انتخابات اليوم من البلطجية، والمندسين، والمفسدين، وأذيال مبارك، والعادلي، وكل المنتفعين من النظام البائد الذين سيحاولون تخريب أولى خطوات انتشال مصر من وهدتها، الأخبار تقول إن سعر يومية البلطجي أصبحت خمسة آلاف جنيه، خيب الله آمالهم وخربهم في قلوبهم، وأنقذ مصر من خستهم، وأذل من أرسلهم وعاونهم. * برب طه والمسيح إحموا مصر يا مصريين.. اوقفوا صحبة في وش الريح ضد الظلم والظالمين. * آمل بانتخابات اليوم أن تفتح أول شبابيك الأمل ليطل منه وجه مصر الصبوح بلا دموع. * ربما يعزينا أن الفجر الساطع ينبثق دائما من رحم ليل شديد الحلكة مستنيين صبحك يا مصر. * أرجو ان يتصور كل مرشح اليوم أن عصر مصر (التكية الملاكي) قد ولى وانتهى وان كان يتصور غير ذلك أشرف له يورينا عرض كتافه. * اصدق ما سمعت (كنا في مصر اللي يسرق رغيفين نسجنه، واللي يسرق مليارات نهننه) حسب الله الكفراوي. * كل شرفاء مصر ينادون اليوم مصرهم بكل ما في قلوبهم من حب رغم حزنهم الفارع (يا مصر قومي وشدي الحيل كل اللي تتمنيه عندي.. لا القهر وحلمنا ورد مندي).