15 سبتمبر 2025

تسجيل

حال الناس.. حال الدنيا

28 نوفمبر 2015

غريب أمر بعض البشر.. فجأة ينقلب على ولي نعمته، وليت الأمر يقتصر على هذا الجانب، بل لا يتورع أن يكيل له الشتائم.. ويعريه.. طبعاً مثل هذه النماذج في العديد من المجتمعات، كنت اقرأ مقابلة مع مطرب أسهمت السلطة في وجوده ودفعه إلى البروز والشهرة، وهو في حقيقة الأمر صاحب موهبة ضحلة، ولكن للسلطة دوراً في إبراز من تشاء من خلال الدفع به في كل مناسبة، حتى يتحول بقدرة قادر إلى نجم ويغطي من خلال دفع السلطة إلى السيطرة على الساحة ومن ثم تغليف الواقع الفني باسمه، ولا داعي لطرح النماذج، ففي كل عاصمة أكثر من اسم. ولكن.. وآه من كلمة لكن.. عندما يسقط من أسهم في بروزه. نكتشف كيف أن هذا الدعي دون خجل يعري الواقع المزيف، ويطعن فيما احتواه. كان ذات يوم يغني وينشد مواويل الإشادة في السلطة والزعيم والقائد الملهم، وأنه وحيد زمانه، وأن هذا الزعيم هبة إلهية للشعب. كان ينشد ترانيم المحبة والإخلاص وعندما تغير الحال فجأة قال ما لم يقله مالك في الخمر، والأغرب أنه فسّر كل مفردات الحب في الزعيم الراحل إلى معان ومدلولات لا يصدقها الطفل الرضيع. ويفسر أن ترنيمة نحبك يا زعيم كان يقصد الزعيم القادم المخلص، وأن الزعيم هنا جموع الشعب الذي ثار ولم يستسلم للأمر.وأن الزعيم المقصود هو أبناء الشعب، فلا زعيم سواه، وأن الناس مع الأسف لم يعرفوا أبعاد الرمز، فهو عندما قال مثلا مفردة "عيش" لم يكن يقصد الزعيم الراحل، بل كان نداء سحرياً، كان يقصد أمراً آخر، لم يكن يترنم بمواصفات الزعيم، بل العيش رمز للقمة العيش والكرامة. كان "عيش" الذي اعتقد البعض مع الأسف أنه دعوة لا طالة عمر الزعيم هو في الحقيقة نداء من أجل لقمة شريفة. سواء كان العيش هنا رمز "للخبز أو الرز" بلهجة أهل الخليج. العيش هنا مفردة ذات دلالة رمزية، ولا ذنب له إذا لم يدرك أبناء الشعب الوفي دلالات ورموز الكلمة.نعم كنت أتمنى، ولكن أغنيتي الأهم للوطن، فلا قيمة لأيّ كائن ما كان، القيمة للوطن الغالي، وهكذا قرأت كيف تحوّل الأمر من شخص وضع ذاته في خدمة فرد إلى شخص آخر، نعم غنى ذات مرة "الله بعثك لنا" و"أنت المجد والتاريخ"، ونحن فداك، وعشرات الأناشيد والأغاني وكان الزعيم لا يبخل عليه بأي شيء. فهو الذي يطرب فلذات الزعيم ويلعب أحفاده فوق ظهره. وهو أيضاً من يخلق الأجواء في ليالي السمر، لأن الزعيم الخالد يضع الخطط الحربية والتنموية في ليالي السهر!! كل هذا من أجل عيون الشعب ورفاهيته. وهذا دوره الحقيقي ودور فنانه الوفي!!