21 سبتمبر 2025

تسجيل

بين مظاهرات الحق ومُسَيَّرات الباطل في سورية!

28 نوفمبر 2011

إن مجابهة الثورة الشعبية الديمقراطية السلمية ومظاهراتها في سورية بالحديد والنار دون توقف أبدا إن دل على شيء فإنما يدل بكل وضوح على استمرار هذا النظام الفاشل بكسر إرادة هذا الشعب الأبي الصامد ضد السلطة الاستبدادية التي استمرأت منذ عقود وإلى هذه اللحظات الاستمرار في تخريب البنيان السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي لمن تأمل حقيقة هذه الحقبة النحسة من حكم العصابة الأسدية واحتلالها البغيض للبلاد باسم الديمقراطية والحفاظ على الوطن.. وما هي إلا ديمقراطية شكلانية بعلمانية متطرفة تغلق أي مجال لعمل سياسي ديمقراطي حقيقي تطبيقي لأنه يزيل الدهانات الخادعة ويوضح بالوثائق والقرائن زيف ادعاءاتها الديمقراطية الإقصائية حيث لا يمكن أن تسمح للآخر أن يغرس في تربتها غرسا، وبسبب هذه العقلية العفنة التي هبت الثورة وتهب لتطيرها من هذا الرجس الآثم يصر حكام دمشق الظالمون المتجبرون على القمع الوحشي الرعيب كيلا يكون في تربة الوطن الذي هو منهم برئ إلا هم، إنهم يراوغون ويزايدون باسمه زورا ولو ملكوا ذرة من وطنية لما استباحوه وأبناءه ليل نهار ومع وصول الحالة الوطنية في الشام إلى الطريق المسدود فعلا فإنهم يقومون بالحيل الخداعة ليثبتوا أنهم وطنيون وأن المواطنين يؤيدونهم فيدعون كل فترة مليشياتهم باللباس المدني طبعا وحوارييهم المقربين منهم وشلل المنتفعين الصغار والكبار للخروج بل الاخراج وخاصة للموظفين والعمال والطلاب تحت قوة الإكراه وقعقعة السلاح والترهيب والتهديد فإذا بهؤلاء على حد زعم السلطة يشكلون مظاهرات مليونية تهتف بحياة فخامة الرئيس ويعلق المذيع والأبواق الإعلامية الرخيصة بأن هذه مسيرات عفوية تلقائية طبعا لأنهم يعرفون حقيقة أنها ليست عفوية أبدا – وإنما مسيَّرة بالترعيب والترغيب ثم يلتقطون لها الصور في الساحات العامة كساحة السبع بحرات في دمشق وساحة الجابري في حلب مثلا ليقولوا: وهذا ما أكده الرئيس عدة مرات، ان معظم الشعب معه ويؤيد إصلاحاته ونحن نقول: إن هذه الحيل لم تعد تنطلي على أحد في بلادنا ولكن المشكلة في الغرباء غير السوريين خاصة خارج سورية إذ يغر كثير منهم بهذه المظاهر ظانا أن المعارضة قليلة ولا تحظى بالتأييد نفسه الذي يظفر به الرئيس، وهنا وبعد التوضيح للعديد منهم في الخارج اقتنعوا بزيف النظام وتحققوا من خداعاته وخاصة بعد أن عرفوا ان المظاهرات المعارضة مستمرة في النهار والليل ويخرج فيها جميع أطياف الشعب والأطفال والنساء كاسرين جدار الخوف وبصدور عارية وهم يعرفون أن التعرض للقتل والجرح والاعتقال والاختطاف امامهم، فتيقن هؤلاء أن صاحب الحق لا يخاف وان دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، كما قال علي رضي الله عنه ناهيك عن المظاهرات عامة في الخارج والسبت في دولة قطر كما تيقنوا أيضا أن الصراع الدائم بين الظالم والمظلوم ليس صراعا على السلطة وإنما هو فعل ديمقراطي ثوري من كل مهيض الجناح من أجل أن يدخل الشعب السوري العصر الجديد بعد هذا القهر والاستعباد المنقطع النظير الذي يريد جرجرة عربته إلى نهاية شوطه الدموي الجهنمي الخبيث إن هؤلاء المتظاهرين السلميين في كل بقعة من الوطن خاصة في عاصمة الثورة حمص وفي ريف حماة وادلب لهم الديمقراطية حقا ولهم الحافظون الحقيقيون للوطن من الفتن أما السلطة المغرورة فلتستمر في غرورها فإنها لن تلحق إلا الهزيمة والذل بنفسها لأن الوطن ملك أهله لا ملكها مهما انطلقت من منصات الخيانة واللعب الذي بات مكشوفا للجميع، أفبالكبر يربح الزعيم؟ كلا فمن تكبر على الناس ذل ورب صلف أدى إلى تلف كما قال علي أيضا وهم إنما يفعلون ذلك تعويضا لما لحقهم ويلحقهم من نقص وزوال هيبة وكما قال الشاعر القروي: إذا عصف الغرور برأس غر توهم أن منكبه جناح وكما قال المأمون: ما تكبر أحد إلا لنقص وجده في نفسه، وهكذا فالسنابل الفارغة ترفع رأسها عاليا كما قال ليشتنبرغ، فلا عجب إذا كره الشعب رئيسه ودعا إلى إسقاطه بل إعدامه جزاء ما اقترفت يداه، فالكبر يورث البغض كما قال فولتير وان من اهم مقابح المستبدين اسلوبهم الشائن في التعامل مع الرعية وإهانتها واستمالة اللاهثين تحت أقدامهم التقاطا للغنيمة وانحيازا للظلم ولو مؤقتا قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، إن هذه القشور التي يقوم بها نظام الاستبداد لن تغنيه من غضبة الشعب ومحاسبته مهما طبل وزمر وغنى ورقص وأخذ يقنع الآخرين بأن صلاحيته لا تزال مستمرة فالحق انه فقد شرعيته وصلاحيته وليس المهم ان يقنع الآخرين على حساب الشعب الكادح، وإن هذا التهريج البهلواني لن يقصر من أمد الازمة بقدر ما يزيدها اشتعالا لأنه يريد أن ينتفش الباطل وحده ولا تظهر إلا مرآته وقديما قال الفرنسيون في المثل: ما كانت النزاعات لتدوم طويلا لو لم يكن الباطل من جهة واحدة ونحن نردد أن من طلب عزا بباطل أورثه الله ذلا بحق، وانه إذا لم يستيقظ ضمير العالم العربي الذي اجتمعت جامعته أمس لتقرر شيئا إزاء هذا النظام القاتل الدموي أو يقرر المجتمع الدولي الذي لا يزال صابرا عليه قراره الحاسم باستئصال الداء فإن الأزمة ستدوم طويلا فتؤدي إلى حرب إقليمية طائفية ليس في سورية وحدها لأن أحلاف العنصرية مصرون على حماية الظالم الطائفي إذ يجدون في انقاذه إنقاذهم وإن كان كل خائن يكرهه الجميع والخائنون اليوم وما أكثرهم بدل أن يشنقهم المقهورون يشنقون الآخرين وهم وأسلافهم الأشرار نسبا ومنهجا ورغم تسببهم المباشر بالهزائم امام الصهاينة فإنهم لم يمسوا بعيب والشعب دوما دوما هو وحده الذي يدفع الفاتورة، إن رأس النظام اليوم وأركانه لهم الرعاة والجنود الذين هم لا يمثلون إلا الذئاب وهل تحب الذئاب الخراف يتساءل المفكر ديدرو ويسخر عمر أبوريشة مصورا المشهد تصويرا ثانيا: لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم إن المظاهرات المزيفة بأبواق الباطل لن تنفعكم وان المناورات اللئيمة مع الجامعة العربية والمجتمع الدولي لن تغير من الحكم شيئا وان النصر بإذن الله للأمة لا للسلطة وقد خسرت سلطة اليابان وألمانيا لكن أمتهما لم تخسر وعادتا قويتين وكما قال المنتصر بالله: والله ما ذل ذو حق وأن أطبق العالم عليه ولا عز ذو باطل ولو طلع القمر بين جنبيه! ألا من معتبر؟ [email protected]