19 سبتمبر 2025
تسجيليتساءل المرء عن سر تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حين قالت سأحتفل بمرور مائة عام على وعد بلفور بافتخار. وأضافت، أنها تفتخر بدور بريطانيا في إقامة دولة إسرائيل.. ورفضت حكومة تريزا في أبريل الماضي تقديم أي اعتذار يتعلق بوعد بلفور، وقالت الحكومة في بيان لها إن وعد بلفور موضوع تاريخي ولا نية لها بالاعتذار عنه. والسياسي في الغالب الأعم، كما شاع، مخلوق انتهازي يسعى للكسب السياسي بأرخص الوسائل والطرق.. وتيريزا صاحبها انطباع قوي بأنها مارغريت تاتشر في نسخة جديدة حينما تولت منصب رئيس وزراء بريطانيا في يوليو من العام الماضي، وتاتشر التي تسنمت هذا المنصب من 1979- 1990 كانت تلقب بالمرأة الحديدية، إلا أنها سرعان ما أثبتت أنها غير جديرة بهذا اللقب. اليوم تواجه المرأة غير الحديدية تهديدا جديا لمستقبلها السياسي وكانت الانتخابات المبكرة الأخيرة التي سعت لها بنفسها وهي واثقة من التفوق فيها، مؤشر لمدى تدني شعبيتها ولعل دواخلها اليوم تنطوي على ندم كبير.. هذا غير تحدي مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي حيث أجريت نحو 6 جولات من المحادثات كانت مخيبة للآمال. وقد تعثرت في ثلاثة ملفات أساسية: مصير المهاجرين، وعواقب البريكست على أيرلندا، والتسوية المالية لخروج بريطانيا من الاتحاد.ولهذا من السهل أن نجد تفسيرا لمغازلة تريزا يهود بريطانيا أملا في دعمها وإنقاذها من الهاوية التي تنزلق نحوها بسرعة كبيرة.. ويمثل اليهود في بريطانيا مراكز قوى تتوزع في الأنشطة الحيوية مثل مجالات التشريع والاقتصاد والإعلام.. على سبيل المثال كان الأعضاء اليهود في البرلمان البريطاني في وقت من الأوقات أكثر من أي دولة خارج إسرائيل، حتى الولايات المتحدة الأمريكية، فكان هناك 44 عضواً في مجلس اللوردات، و17 عضواً في مجلس العموم.وحسب صحيفة التايمز البريطانية، احتل اليهود خمسة مراكز من عشرين مركزاً متقدّماً في قائمة أغنى أغنياء بريطانيا منهم: أبرومفتش مالك نادي تشيلسي الذي يملك 11 بليون جنيه إسترليني من البترول والصناعة. وسير فيليب وليدي جرين اللذان يملكان 3 .4 بليون في محلات الأزياء الكبرى. وديفيد وسيمون ريوبن اللذان يملكان 3 .4 بليون من بيع المساكن. وجو لويس الذي يملك 8 .2 بليون من تجارة العملة. وريتشارد برانسون الذي يملك 7 .2 بليون في قطاع المواصلات، والإنترنت، والهواتف.ويسيطر اليهود البريطانيون على معظم المؤسسات الصحفية حيث كان الملياردير اليهودي البريطاني المعروف روبيمثلهم ومّنلذي مات غرقاً يمتلك شبكة إعلامية واسعة تضم أكثر من 160 شركة موزعة على 16 دولة تضم صحفاً ووكالات أنباء ومحطات إذاعية وتلفزيونية، كما يسيطر اليهود في بريطانيا على أكبر شركات السينما ومنها إم جي إم وكانون.معلوم أن "وعد بلفور" هو الاسم الشائع الذي أطلق على الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، وقال فيها إن "الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وإنها ستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية". تيريزا اشتهرت بعشقها للأحذية والملابس، وعلقت على ذلك بالقول "يمكنك النجاح في تحقيق مسار سياسي ناجح، وفي نفس الوقت عشق الأحذية والملابس". فهل يساعدها الاحتفاء والافتخار بوعد بلفور المشؤوم على إنقاذ مستقبلها السياسي لتستمتع في نفس الوقت بشراء المزيد والمزيد من الأحذية والملابس؟.