11 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا في طريقها نحو انتخابات حرجة

28 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تتجه تركيا مجددًا نحو انتخابات جديدة، في مرحلة تتسم بدرجة عالية من الحساسية، حيث سيتوجه نحو 53 مليون ناخب يوم 1 نوفمبر المقبل مجددًا، للإدلاء بأصواتهم، بعد 5 أشهر فقط من خوضهم غمار انتخابات تشريعية. تتجه البلاد مجددًا نحو انتخابات تشريعية مبكرة، بعد فشل الانتخابات التشريعية السابقة، بمنح أي من الأحزاب أغلبية برلمانية، تخول تشكيل حكومة دون اللجوء لعقد تحالفات حزبية (ائتلاف)، وفشل المفاوضات التي جرت بين الأحزاب لتشكيل حكومة ائتلافية. هل سيصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة منفردًا؟هل سيحقق أيٌّ من الأحزاب أغلبية برلمانية تخوله تشكيل حكومة منفردًا؟أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أجريت قبل أسبوعٍ واحدٍ فقط من التوجه إلى صناديق الاقتراع، أن حزب العدالة والتنمية، الذي هو أقرب الأحزاب للوصول إلى السلطة، ما زال يعمل تحت وطأة خطر عدم تمكنه من الحصول على أغلبية برلمانية، تتيح له تشكيل الحكومة المقبلة بشكل منفرد، ولا نستطيع القول إن العدالة والتنمية، سيتمكن بسهولة من تحقيق تلك الأغلبية المتمثلة بـ276 مقعدًا برلمانيًا. لهذا السبب، فإن حزب العدالة والتنمية يتجه نحو انتخابات صعبة، وسط توازنات دقيقة جدًا، فجميع العيون تتجه نحو نسبة الأصوات التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية، في وقت تنعدم فيه احتمالات وصول أيّ حزب من أحزاب المعارضة إلى السلطة. تتجه تركيا مطلع الشهر المقبل، نحو انتخابات أصعب من تلك التي شهدتها البلاد في 7 يونيو الماضي، وستجري الانتخابات في ظل مشاكل أكثر صعوبة وتعقيد وخطورة من سابقتها. لاسيما وأن البلاد واقعة في هذه الآونة تحت تأثير هجمات إرهابية خطيرة. طالت قبل فترة وجيزة العاصمة التركية "أنقرة"، حيث تسبب انفجار قنبلة وسط العاصمة، إلى مقتل 102 شخص.. لا يزال الألم الذي ولَّده ذلك الحادث يخيّم على الشارع التركي، ولا أظن أنه سيبرح البلاد قريبًا.انتخابات في ظل "الإرهاب" و"استمرار الأزمة السورية"لم تنته قضية الهجمات الإرهابية التي تنفذها منظمة "بي كا كا"، حيث أسفرت تلك الهجمات المتواصلة منذ 7 يونيو الماضي حتى الآن، عن مقتل 145 رجل أمن، و235 مدنيًا، و380 شخصًا، كما شهدت موجة الهجرة واللجوء من الأراضي السورية إلى تركيا، زيادة ملحوظة في الفترة الأخيرة، بسبب الضربات الجوية الروسية. لقد وصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى نحو 3 ملايين لاجئ، وباتوا يشكلون قضية تلقي بظلالها على السياسة التركية. بدأت أوروبا تمارس ضغوطًا على تركيا، لحثها على منع اللاجئين من عبور الحدود نحوها. في الوقت الذي واصلت فيه تركيا انتقاداتها للسياسات الأوروبية اللامبالية، تجاه الأسباب التي تدفع مواطني كل من سوريا، والعراق، وإيران، واليمن، وليبيا، بالهجرة من أوطانهم، وترك ديارهم. لم تشهد تركيا أجواء دعاية انتخابية كما جرت عليه العادة، في الوقت الذي شهد فيه الرأي العام المحلي، كل هذه النقاشات، لم تخيم على الشارع التركي حماسة الانتخابات، ولم تظهر تأثيرات الانتخابات على المواطنين، فالأحداث الأخيرة التي وقعت في تركيا، تسببت بنوع من الإحباط والتوتر.ومن المتوقع، أن يكون عدد الناخبين الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في هذه الانتخابات، أقل من عدد الناخبين الذين توجهوا في الانتخابات السابقة، لذا، فمن الطبيعي أن يلقي ذلك بتأثيره على نسبة الأصوات وعملية التصويت. بالطبع إن إحجام بعض الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم، سيشكل قضية حرجة تنعكس على مجمل العملية السياسية، فضلًا عن أنها تشكل مصدر قلقٍ في هذه الآونة، بالنسبة لحزبي "الشعب الجمهوري" و"العدالة والتنمية"، على حد سواء. العدالة والتنمية لا يزال حجر أساسٍ في العملية السياسيةستتمخض الانتخابات المقبلة، إما عن فوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية البرلمانية بفارق ضئيلٍ جدًا، وإما عن خسارته لتلك الأغلبية بفارق ضئيلٍ أيضًا، لذا، يجب علينا النظر إلى حزب العدالة والتنمية، كحزب لابد أن يكون ضمن أي حكومة مقبلة في تركيا. في حال ذهبت البلاد مجددًا نحو مفاوضات من أجل تشكيل حكومة ائتلافية، فإن العملية السياسية المقبلة، ستشهد معارك سياسية أقل بين الأقطاب، بسبب إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي هذه المرة، وهو ما سيمنع زيادة نسبة التوتر، مقارنة بالانتخابات الماضية. قد يفضل العدالة والتنمية، تأسيس حكومة ائتلافية مع حزب "الحركة القومية" أولًا، حيث بدأ الحزب المذكور بإرسال رسائل تعبر عن استعداده لتأسيس مثل تلك الحكومة مع العدالة والتنمية، بعد أن أدرك حجم الخطأ الذي ارتكبه عقب الانتخابات الأخيرة، برفضه التعاون مع العدالة والتنمية في موضوع تأسيس الحكومة. وإذا ما تعثرت المفاوضات مع الحركة القومية، فمن الممكن أن تجري مفاوضات مع "الشعب الجمهوري". لكن وبأي حال من الأحوال، لن يدخل العدالة والتنمية، في أي مفاوضات من أجل تأسيس حكومة ائتلافية مع حزب "الشعوب الديمقراطي"، المعروف بقربه من منظمة "بي كا كا" الإرهابية. لم تأتِ الحكومات الائتلافية بالنفع أبداً على تركيا، خاصة أنه يصعب تحقيق توافق بين الأحزاب التي تمتلك تيارات فكرية متباينة بشكل عميق، خصوصًا حول القضايا الحاسمة. ومن ناحية أخرى، فهناك من يرى في تشكيل حكومة ائتلافية، أنه حلٌ يضمن نزع فتيل التوتر وحالة الاستقطاب، اللتين تخيمان على البلاد. من المؤكّد أن الانتخابات التي ستجري يوم 1 نوفمبر المقبل، ستشكّل فترة حرجة وحاسمة بالنسبة لتركيا وحزب العدالة والتنمية.