15 سبتمبر 2025

تسجيل

كبش الفداء

28 أكتوبر 2012

إن المشهد الثقافي يمتلك ديناميكية لوجود القدرات البشرية الكبيرة والإمكانات الممتازة للمبدعين بشكل عام، سيما وهناك اشتغالات جديدة وتجريبية في مختلف المستويات لكن الحياة الثقافية تفتقد إلى التنظيم والبرمجة والدعم المادي والمعنوي من قبل مؤسسات الدولة وقد لاحظنا بقوة أن حدوث التطور والارتقاء من قبل الوزارة لرعاية الثقافة كان عنصراً أساسيا في الارتقاء بمستوى المشهد الثقافي ليكون متفوقا على المشهد الثقافي في العالم العربي والارتقاء بالثقافة يحتاج لتكاتف من قبل جميع مؤسسات الدولة فالثقافة أساس البناء في كل شيء في كل عمل وفي كل إبداع وفي كل مهنة ووظيفة واصل كل ابتكار هو ثقافة فالفكرة منذ بدايتها تنبع عن ثقافة ولكن لازلنا لا نعير موضوع الثقافة اهتماما فاليد الواحدة لا تصفق والوزارة رغم جهودها الجبارة في الارتقاء بالمشهد الثقافي تبقى هي القوة المحركة الوحيدة للعقول والأفكار فلا الإعلام يساير خطواتها كما هو مطلوب ولا أغلب الجهات المهمة التي تلعب دورا أساسيا في بناء الثقافة ومن المستغرب أن يكون الإعلام هو المهمش الأول للثقافة والمثقفين فلنأخذ أبسط مثال على ذلك وهي الصفحات الثقافية التي هي دوما كبش الفداء في الصحافة، حيث إن الصحف لازالت تعتبر الصفحات الثقافية ممرا سهلا للعبور إلى نشر الإعلانات أو أية مستجدات حديثة فما السبب ياترى لماذا لاتكون للثقافة نصيب من الملاحق المرافقة للصحف بشكل يومي لماذا اصبحت المواضيع الأخرى كالموضة والفن وحتى الملاحق الخاصة بعالم الجريمة تجذب القراء أكثر من الثقافة كما يعتقدون لماذا يعتمدون على الإثارة لجذب الأنظار متجاهلين بذلك إبداعات المثقفين وأخبارهم وحديثهم؟ هل هناك قصور في مستوى الصفحات الثقافية أم أن هناك قصورا في تفكير البعض هل الأسلوب الأمثل لجعل الصفحات الثقافية صفحات مؤثرة ولها وزنها وثقلها الصفحي أمرٌ في غاية الصعوبة؟ رغم أننا لو نظرنا للماضي البعيد لوجدنا في تاريخ الصحافة في الوطن العربي أنها تشكلت أساسا من مادة ثقافية سواء الصحف اليومية أو المجلات وكانت تقريبا أغلب مواضيعها تخوض في عالم الثقافة وتقدم للقارئ أرقى نماذج الشعر والمقال والقصة والتحليل الأدبي حيث كانت المطبوعات بمختلف اتجاهاتها تلعب دورا تنويريا وكنا نلاحظ أن المواضيع الأخرى التي تأخذ الحيز الأكبر الآن في الصحافة لم تكن إلا هوامش وفي أغلب الأحيان لم يكن لها وجود أصلا وكأن الصحافة لم تكن تعترف بوجودها كالفن والغناء والإثارة والجريمة وغيرها من المواضيع التي يعتقد بعض الصحفيين بأنها الدجاجة التي تبيض الذهب ويعتمدون عليها اعتمادا كليا معنى ذلك أن الصحافة تشكلت أساسا من المادة الثقافية التي احتضنتها كل الصفحات فماذا حدث الآن؟ حدث العكس تماما أصبحت الثقافة لا تحظى إلا بمساحة بسيطة وعلى استحياء في كل المطبوعات رغم ثراء مادتنا الثقافية إلا أننا للأسف لازلنا نبحث عن صفحات تحتضنها وبشكل دائم وبإحساس بالالتزام كي لا تكون دوما كبش الفداء أمام موجة الإعلانات التجارية فهل من مغيث؟