11 سبتمبر 2025
تسجيلكيف تنظر للحياة؟، سؤال بسيط تعكس كيفية إجابتك عنه أسلوبك في التفكير وسلوكك تجاه نفسك، وما إذا كنت متفائلًا أم متشائمًا، حيث يبدأ التفكير دائماً بالحديث مع النفس، كتدفق ليس له نهاية للأفكار الخفية التي تجري في رأسك، وقد تكون تلك الأفكار التلقائية إيجابية أو سلبية، ويكون بعض حديثك مع النفس نتاجاً للعقل والمنطق وهذا أمر جيد وطبيعي. ولكن قد يأتي حديث آخر إلى النفس نتيجة مفاهيم خاطئة تشكلت لديك بسبب نقص المعلومات، أو توقعات ناتجة عن أفكار مسبقة نتجت عن خبرات قديمة، أو مخاوف واستنتاجات مسبقة لمستقبل مجهول. فإذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك سلبية، فسوف تكون نظرتك للحياة متشائمة على الأرجح، أما إذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك إيجابية، فإنك على الأرجح شخص متفائل، أي أنك شخص يمارس التفكير الإيجابي. ولا يعني التفكير الإيجابي أن تتجاهل مواقف الحياة المزعجة، بل المقصود بالتفكير الإيجابي أن تتعامل مع المواقف المزعجة بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية، بحيث تعتقد أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ، وتبني أفكارك وتجاربك القديمة على النوايا الحسنة وليس السلوكيات المتباينة. وهناك سمات للتفكير السلبي، فيمكننا من خلالها تحديد النمط الذي نتبعه في تحليل الأمور، منها تضخيم النواحي السلبية لموقف ما وتجاهل جميع النواحي الإيجابية فيه، بالإضافة لشخصنة الأمور وتأنيب الذات بمحاسبتها على أبسط الأمور، وأن تتوقع الأسوأ تلقائياً دون أن تكون هناك حقائق تدل على أن الأسوأ سيحدث، أو أن تلقى اللوم دوماً على الآخرين بالبحث عن شماعة لأخطائك، أو بالتركيز على النواقص والبحث عن الكمال. والخبر الجميل هو أنه يمكنك أن تتعلم كيف تحوِّل هذا التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي، وهو عملية بسيطة، لكنها تحتاج إلى وقت وممارسة لتكتسب عادة جديدة في نهاية الأمر، كأن تحدد أولاً جوانب الحياة التي تفكر فيها بطريقة سلبية والبدء بشكل بسيط بالتركيز على أحد الجوانب لتتعامل معه بطريقة أكثر إيجابية، بالإضافة إلى ضرورة أن تقيّم نفسك يومياً وأن تكون منفتحاً على المزاح والضحك ولست متجهماً طوال اليوم ولا يكون ذلك إلا بمخالطة الأشخاص الإيجابيين والتعود على الحديث الإيجابي مع النفس، كأن تُذكر نفسك كل يوم بكمية النعم والمميزات الجميلة التي تمتلكها، وتبتعد عن تأنيب الذات. لذا ابدأ بهذه القاعدة البسيطة: لا تُحدِّث نفسك بأي شيء لم تكن لتقوله للآخرين، كن لطيفاً مع نفسك وشجعها. ولكن التحدي الأكبر هنا هو الاعتراف، هل يمكنك أن تجاهر مع ذاتك وتقر بأنك تفكر بسلبية؟ أو أنك تتصنع الإيجابية؟. قد تكون هذه الخطوة غامضة بعض الشيء، ولكن عليك أن تلاحظ أفكارك وتقيم حياتك لتحدد تحديداً دقيقاً مدى سعادتك ورضاك عن مُحيطك وحياتك بشكل عام، وجميعنا يعلم أن قلب الحقائق وتجاهلها لن يضيف لحياتنا سوى المصاعب والتعقيدات التي ستفاقم سلبياتنا، فأسهل طريق للوصول لبر الأمان هو الاعتراف مع الذات والتعاطي بشفافية مع أفكارنا محاولة منا لرؤية الأمور من منظور مختلف، لعل هذه الزوايا الجديدة تفتح لنا آفاقا من التغييرات وتمهد لدرجات أعلى من الوعي. ولتتأكد من تحليل تفكيرك أخبرني هل تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ أم الفارغ؟، فبإجابتك على هذا السؤال بشفافية وتجرد ستنتبه لتلك الأفكار المتراكمة منذ عقود والتي كانت جزءاً أساسياً من مصادر التوتر والقلق، والتي قد تؤدي إلى حالة من الاكتئاب بسبب اجترارك لمخاوف قديمة أو استرسالك لمستقبل مجهول ووضع تصورات مربكة لما قد يحدث مما سيفاقم من حالة الإحباط والتشاؤم لديك، وذلك بسبب تركيزك على النصف الفارغ من الكوب. لذا.. تعلم أن توقف أفكارك السلبية بتوجيه اهتماماتك إلى أنشطة محفزة بالتحرك وعدم الاستسلام لهذه الأفكار، والتدرب على عدم الحكم على الأحداث بسلبية، كيلا تغدو متشائماً فتفقد الحظوظ الجميلة التي لا تفارق الأشخاص الإيجابيين والذين يتمتعون بمنافع صحية ويتأقلمون بطريقة أفضل مع المواقف المسببة للتوتر، فيتجاوزونها بطريقة أسهل وأسرع، ولا يسمحون لها بالتأثير على أفكارهم المستقبلية، ليقينهم التام بأن نصف الكوب الممتلئ نعمة وعليهم المحافظة عليها بتقديرها والتمتع بتوفرها وكذلك بالطموح إلى زيادتها من خلال حسن ظنهم بمستقبل يفيض به الكوب ليغدو كوباً ممتلئاً.