15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في حادث مؤسف أحزننا جميعا لقي 717 حاجا مصرعهم بينما أصيب 805 آخرون بسبب التدافع والازدحام لدى شروعهم في رمي الجمرات إذ وقع تداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى وعلى أثر ذلك أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي ولي عهده "بمراجعة خطط المملكة لموسم الحج وبإجراء تحقيق لمعرفة أسباب الحادث واستجلاء الحقيقة". الرواية الأولية الرسمية السعودية قالت إن الحادث نجم عن تدافع الحجاج مبدئيا فقد قال وزير الصحة السعودي المهندس خالد الفالح لـCNN إن حادث التدافع في منى "سببه الازدحام وتحرك بعض الحجاج دون اتباع خطط التفويج من قبل الجهات الأمنية والتعليمات، التي تصدرها لهم وزارة الحج ولكن هذا قضاء الله وقدره". ولكن قبل أن تجف دماء الشهداء وينجلي الموقف قامت جهات عديدة بلوم المملكة وتحميلها المسؤولية فبعضهم أنحى باللائمة على أجهزة الدولة ورجال الشرطة وبعضها أعطى للموت بعدا اجتماعيا فقال إن الموتى جميعهم فقراء مطحونون دون أن يتحرى الصواب وبعضهم قال إن أغلب الشهداء من الدول الفقيرة وذلك كله استنتجوه من ملامحهم وملابسهم وكأنهم يقرأون الغيب أما إيران فقد سارعت إلى تحميل السعودية مسؤولية الحادث الأليم فقال مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان في اتصال مع التلفزيون الرسمي الإيراني، بأن الخارجية الإيرانية سوف تقدم احتجاجها الرسمي لمسؤول السفارة السعودية في طهران كما حمل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي مسؤولية حادثة منى للمملكة العربية السعودية، وقال المتحدث في تصريح لوكالة فارس الإيرانية "إن عدم كفاءة الحكومة السعودية قد ثبت من قبل"، واستطرد وقال "لقد برهنت الحكومة السعودية عدم كفاءتها في إدارة مراسم الحج وذلك نظرا إلى وقوع حادثتين مؤسفتين في فاصلة زمنية قصيرة بموسم الحج هذا العام، والتي أدت إلى مقتل المئات" ودعت إيران وأصوات كارهة للمملكة إلى استحداث هيئة إسلامية دولية لإدارة موسم الحج.الموقف الإيراني المتسرع من الحادثة كشف عن عمق العداء الإيراني ضد المملكة العربية السعودية وأماط اللثام عن رغبتها في استغلال الحادثة للمطالبة بالتدخل لإدارة شؤون الحج من قبل منظمة التعاون الإسلامي بدلا من السعودية، حتى يتسنى لإيران التدخل في الشؤون الداخلية السعودية بشكل مباشر، كما تتدخل الآن في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية الأخرى كما كشف ربط المسؤولين الإيرانيين بين ما يجري في اليمن وبين حادثة الرافعة عن تسييس الحادثة المؤلمة واستغلال دماء الحجيج الطاهرة لأغراض سياسية فلا يعقل أن تصدر أحكام الإدانة قبل ظهور نتائج التحقيقات ولا يعقل أن تعلو الانتقادات على مجهودات المملكة الكثيرة التي تبذل باستمرار والتي كلفت المملكة خلال نصف قرن نحو ربع تريليون ريال تقريبا فمن شاهد الحرم ومواقع الحج الأخرى ومرافقها وبنيتها التحتية في ستينات القرن القادم يدرك مدى ما بذلته المملكة من جهود في إزالة كل ما من شأنه أن يلحق العنت والإرهاق بالحاج لدى أدائه للمناسك ولا يستبعد أبداً أن يكون التدافع سببا لوقوع الكارثة فلقد مررت أنا شخصيا في عام 2002 ميلادية بتجربة الموت هذه فقد كنت ذاهبا لرمي الجمرات وكان الطريق إليها واحدا ذهابا وإيابا وكانت مجموعة من الرجال الأشداء عائدة من الرمي فألقت بي على ظهري وبينما كنت أكاد ألامس الأرض مضغوطا بهم لأداس بالأقدام جاءت مجموعة أخرى متماسكة لرمي الجمرات فتلقفتني من الخلف وأوقفتني فخرجت لألتقط أنفاسي وأحمد الله على نجاتي وربما كانت هذه النجاة سببا لأروي اليوم هذه القصة لا لأبرئ أحدا وإنما لأقول الحقيقة، فالتدافع أمر لا يمكن التحكم به وسيظل سببا لموت مئات من الحجيج لأن الإنسان بطبعه عجول وخلق من عجل ولا يتأنى دائما ولا نريد هنا أن نأخذ بنظرية المؤامرة ونقول بما تقوله التسريبات وتتناوله التقارير والتي تشير إلى قيام إيران بافتعال هذا التدافع والتسبب في موت حجاجها وموت الآخرين من غيرهم لأن الاتهامات بغير أدلة وقرائن واضحة تعد رجما بالغيب وهو ما يتناقض مع منطق العدالة كما لا نأخذ للسبب ذاته برواية قناة المنار والقنوات الموالية لإيران التي زعمت أن طريقا تم إقفاله في المشاعر المقدسة بسبب مرور موكب أحد المسؤولين الكبار مما تسبب في الحادثة إذ من البديهي أن يكون للمسؤولين الكبار طرقهم ومساراتهم فلا يزاحم فرد آلافا من الحجيج أو يقف حائلا دون أدائهم للمناسك وهي مرهونة بالمكان والزمان ولا تحتمل التأجيل. المملكة بذلت الجهود المضنية وأنفقت الأموال الطائلة ولم يشكرها أحد ويسرت الحج لكل المسلمين على اختلاف مذاهبهم ولم تتعامل معهم بطائفية ولا بمذهبية ولم يمنعها خلافها السياسي مع بلد ما من عدم رعاية وكفالة حجاجه لأنها اعتبرتهم جميعا ضيوفا للرحمن وعاملتهم على هذا الأساس وقدمت من الخدمات والتسهيلات والإمدادات ما تضيق به هذه الصفحات وكما قال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" كما لم تستغل الموسم من أجل الترويج لسياساتها ونهجها.الملك سلمان يحاول ترتيب البيت الإسلامي والعربي صفا وهدفا ولكن هناك من لا يروق له ذلك وما نشهده اليوم من مواقف معادية لا يصب إلا في اتجاه تقويض جهود المملكة في إعادة ترتيب البيت العربي الإسلامي التي تبذلها لتمكين العرب والمسلمين من التصدي لمشاريع الهيمنة التي تخطط لها إيران ووكلاؤها وقوى أخرى في المنطقة وإيران بلا شك تحاول من خلال انتقادها للمملكة ومن خلال حملتها الإعلامية الكبيرة الهروب من الخسائر التي لحقت بحلفائها في اليمن وتود صرف الأنظار عن هذه الهزائم المتوالية .