18 سبتمبر 2025
تسجيلما حدث في اليمن الأسبوع الماضي لا يمكن استقراؤه بحسن النية من كل الأطراف المعنية هناك وإن كان يمكن فهم مجريات الأحداث بأكثر من طريقه وبأكثر من آلية فهم يثير بعضها بلا شك علامات استفهام كبرى تستحضر التاريخ القريب والبعيد للمنطقة عامة واليمن خاصة والواقع المحموم الذي نعايشه اليوم في المحيط العربي المتخم بالكثير من المواقف وبؤر التوتر والخلافات بين القوى المؤثرة والتي أفرزها ما يسمى بالربيع العربي وتداعياته سوى أن ظاهر الأحداث يشي بتغيرات جوهرية في أجندة الأحداث في اليمن التي لفتها التغيرات الدراماتيكية المتسارعة حيث السيطرة الحوثية التامة على مفاصل الدولة ورموزها في العاصمة صنعاء وتخلي القوى العسكرية من الجيش والداخلية عن مواقعها وأدوارها أمام ذلك وبشكل سريع وغير مبرر أمام قوة قيل عنها طويلاً الكثير من التطرف والتبني لأجندات خارجية، بل وخاض اليمن ضدها عدة حروب طاحنة للحد حتى من مجرد وجودها على المشهد اليمني إنما أن تفتح لجحافلها المسلحة أبواب صنعاء وقلاعها هكذا!! فهذا واقع يحتاج إلى فهم أعمق من مجرد التسليم بما حدث أو حتى قبوله على مضض عند كل متابع ومهتم بشأن اليمن وعموم الأمة, ما حدث في صنعاء لا يمكن فهمه دون تحليل كل ما دار خلال الفترة وكل ما قيل في الخطب والاجتماعات التي عقدت بشأن اليمن أو أستحوذ موضوع اليمن على جزء منها أو حتى ما قالته الصحف والإذاعات في الدول المعنية بالشأن اليمني, فخطاب الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي في مناسبة احتفالات اليمن بذكرى ثورة 26 من سبتمبر التي تزامنت مع هذه الأحداث يدعو الشعب اليمني إلى تجاوز الصدمة والتعامل مع واقعها كتبرير للحد من ظهور المواجهات وتوسعها حتى لا يدخل البلد حرباً أهلية لا تحمد عواقبها والاكتفاء بدعوة الحوثيين للتراجع إلى خارج صنعاء بعد توقيع اتفاقية السلم والشراكة والتي تفضي إلى حضور سياسي للحوثيين مفروض بالقوة على الرئيس الذي استمر في مهام عمله ليكمل الدور والمشهد تحت مظلة المرحلة الانتقالية وبنودها, وبالطبع مهما كان هناك من المزايدات السياسية ومن باع على من، تحت الطاولة أو فوقها، فالحضور الحوثي كان قادماً لا محالة في ظل ظروف سياسية هشة وتصفية حسابات حزبية مكثفة وحالة اقتصادية منهكة، أيضاً ومن خلال سقوط كل الأجهزة وهروب الجنرالات وبقاء اسم السيادة في الرئيس وهو ما يُلمح إلى أن لدى الحوثيين بعضا من الذكاء لتمرير أجندتهم على مهل دون ترويع الجيران أو حتى المجتمع الدولي بحضورهم المفاجئ فهم لم يعلنوا صراحة سقوط الدولة ولا تنحية الرئيس فكل الأمور والأحداث جارية باسمه وقد يكون في الأكمة ما فيها إذا استبعدنا فرضية المزايدات والاتفاقيات حول اليمن , ولكن وجود الحوثيين في الواجهة بشكل كلي أو جزئي لن يكون المخرج الوحيد للأزمة اليمنية فهناك قوى وأحزاب أخرى وهناك مؤثرات قبلية ودولية لها رأي في الوضع اليمني ومسير أحداثه, سوى أن ما يحزن هو أن يستغفل المواطن اليمني وأن تمرر الأحداث استغلالاً لحاجته ولأمنه وأن تباع اليمن لهوى من يزيد أو تكون ضمن سلسلة مقايضات دولية كبرى فهذا ما لا ينبغي لبلد الإيمان والحكمة.