14 سبتمبر 2025
تسجيلحفلت مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وخطابا سموه امام الجمعية العامة ومجلس الامن، والمقابلة الخاصة التي اجرتها "سي ان ان" مع سموه، اضافة الى اللقاءات الجانبية مع قادة ورؤساء الوفود، بحضور لافت لسموه، الذي كان بحق الصوت الهادر بالحق، والناقل الامين لقضايا الامة، والمدافع عنها بكل وضوح، امام العالم وقادته في هذا المحفل الدولي، واضعا النقاط على الحروف في كل القضايا التي لامست الجرح، ان كان ذلك على صعيد القضية الفلسطينية، ومرارة الاحتلال، والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني، وما تعانيه غزة الصامدة.. مرورا بالمقاومة في غزة التي حياها سموه، وهو ما يحدث لأول مرة ان يقوم قائد عربي بمثل هذه الخطوة، اضافة الى ما يعانيه الشعب السوري من قمع وقتل واستبداد في عامه الرابع، وما يمارسه النظام السوري من ارهاب حقيقي.. واحداث العراق وليبيا وتونس واليمن.. وما يشكله الارهاب من خطر على العالم، استوجب تحالفات جديدة بالمنطقة، ولكن كيف يمكن معالجة ذلك، وهل الارهاب فقط من تنظيمات، ام انه نتاج القمع والاستبداد الذي تمارسه انظمة بالمنطقة تجاه شعوبها... في سلسلة مقالات سوف اتوقف عند عدد من القضايا التي طرحها سمو الأمير خلال هذه المشاركة، والمواقف التي رسخها سموه، والسياسة التي تنتهجها قطر حيال مختلف القضايا الاقليمية والدولية، والتي كانت محل اهتمام الرأي العام العالمي.. ابدأ سلسلة هذه المقالات التي ستكون بعنوان "الأمير في الأمم المتحدة" بحديث سمو الأمير المفدى عن استضافة قطر لكأس العالم 2022، وأحببت ان استهل هذه السلسلة بهذا الجزء المهم من حديث سمو الأمير لقناة "سي ان ان"، كون هذا الحدث لا يمثل قطر فحسب، بل يمثل العالم العربي والاسلامي، وهو ما اكد عليه سموه في اكثر من مرة، فقطر اليوم تمثل هذه البقعة من العالم التي حرمت من استضافة هذا الحدث، ولم تتح الفرصة امامها، ولكن هذا لا يعني ان استضافة بطولة كأس العالم 2022 منحت لقطر على هذا الاساس فقط، بل جاءت استضافة قطر عن جدارة واستحقاق، عندما قدمت ملفا متكاملا، وقدمت عرضا مميزا، سخر التقنية والتكنولوجيا من اجل توفير بيئة ملائمة خلال اقامة البطولة، حتى في فصل الصيف، الذي قُدم الملف على اساسه، ولم تقدم قطر نظريات في هذا المجال، بل عكفت على ترجمة ذلك عبر مشروع نموذجي لملعب ومناطق جماهيرية مكيفة، وهو ما دفع المصوتين في تنفيذية "الفيفا" الى منح قطر الاصوات، لكن هذا الفوز لم يعجب بعض الاطراف التي سعت الى التشكيك الدائم بقدرات قطر، وإثارة الغبار على بعض القضايا، والادعاء بحصول مخالفات اثناء التصويت.. وغيرها من المزاعم التي تقف خلفها اطراف تحمل اجندات بعيدة عن الاهداف النبيلة لإقامة بطولات كأس العالم. لقد ظهرت ثقة سمو الأمير المفدى عند الحديث عن استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 بقوله "لدينا الحق كبلد مسلم وبلد عربي ان نقوم باستضافة هذه البطولة، وعلى الناس ان يفهموا ان قطر قدمت افضل عرض، وسوف تنظم افضل كأس عالم في التاريخ".. واضاف سموه "هناك بعض الناس لا يريدون ان يتقبلوا ان بلدا صغيرا مسلما عربيا يمكنه تنظيم حدث بهذا الحجم..". منذ ان فازت قطر بشرف استضافة كأس العالم في 2010 والسهام الموجهة اليها لم تتوقف، تارة تتحدث عن الطقس، ومرة اخرى عن المساحة الجغرافية، وثالثة عن السكان..، ثم التشكيك بالتصويت..، وعندما فشلوا في مساعيهم اطلقوا تهما ومزاعم تتعلق بالعمالة التي توجد في قطر، وانها تعاني من مشاكل، وان بيئات العمل مجحفة، والاغرب من ذلك ان هناك من وسائل الاعلام المدفوعة، ومن الإعلاميين المدفوع لهم، من تحدثوا عن سقوط "ضحايا" خلال تشييد ملاعب كأس العالم في قطر، في حين ان هذه الملاعب اصلا لم يبدأ بناؤها بعد!!. نعم قد تكون هناك مشاكل حدثت لبعض العمال، او تعرضوا لمواقف غير ملائمة في بيئات العمل، وهو امر بالتأكيد غير مقبول، وهو ما اكد عليه سمو الأمير المفدى عندما قال "صحيح لدينا مشاكل بالنسبة للعمال ونعمل على حلها، ونعمل على تطبيق القوانين، ولا اقبل ان ارى عمالا فقراء يأتون من دولهم لمساعدتنا على تطوير بلدنا، يعيشون في بيئة غير ملائمة لهم.. لقد غيرنا العديد من القوانين وقمنا بتعديلها، وانا يؤلمني وجود وضع غير ملائم، ولا اقبل به، ولا يوجد قطري يقبل بذلك، لذلك نحن نعمل على فرض تطبيق القوانين، والوضع يتغير على ارض الواقع، لكن وسائل الإعلام تركز على قطر بسبب كأس العالم وامور اخرى، ونحن نقبل ذلك، لكن ادعوهم الى اظهار حقائق الامور عن قطر.. لا مانع اذا تناولوا المشاكل في حال وجودها، لكن لابد ان يتناولوا امورا اخرى كتلك القوانين التي شرعناها". نعم نحن في قطر لا نمانع من الحديث عن المشاكل التي يتعرض لها العمال، ولا نمنع اي طرف في الداخل او الخارج من تناول هذه القضية، وسمحت قطر لمختلف المنظمات الدولية بالحضور الى الدوحة، وزيارة مواقع العمل، التي يتواجد بها هؤلاء العمال، الذين نؤمن انهم شركاء التنمية التي تعيشها قطر، وليس من عادات اهل قطر انهم يسيؤون لمن يشاركهم الحياة، او يتواجد معهم في بلدهم. والامر الذي قد لا يعرفه الكثيرون ان هذه المخالفات التي يتحدث عنها البعض، واخذتها وسائل الاعلام الغربية، حدثت في بعض شركات القطاع الخاص، والاكثر من ذلك ان الغالبية من هذه الشركات التي بها مخالفات يتولى ادارتها مديرون في الغالب من الجنسيات الغربية، لكن الاعلام الغربي لا يتحدث عمن يدير هذه الشركات، ولا يشير الى ان مديريها غربيون!. هذا لا يعني اننا نعفي انفسنا من المسؤولية، او نعفي الاجهزة الرسمية من ذلك، ولا نعلق القصور على شماعة اطراف اخرى..، نعم هناك اوجه قصور في بعض التشريعات والقوانين المتعلقة بالعمالة، وهي اليوم محل تعديل واستحداث قوانين وتشريعات جديدة، وفرض رقابة صارمة على الشركات المخالفة، والجدية في تطبيق القوانين..، لكن الإعلام الغربي "الأعور" المتحامل على قطر لا يرى هذه الايجابيات المتمثلة بالتشريعات الجديدة التي تتبناها الدولة، يرى فقط ما يريده، ويرى فقط بعين من "قبض" منه المبالغ المالية، وينفذ اجندات تلك الجهات التي لها مواقف مسبقة من قطر. وفي الوقت الذي سمحت فيه قطر للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان والجهات الدولية المعنية بالعمالة، بالدخول اليها دون عوائق، وزيارة مواقع العمل، ولقاء المسؤولين، وعقد مؤتمرات صحفية مفتوحة فيها..، كانت هناك دول اخرى رفضت حتى السماح للعديد من المنظمات بالدخول اليها اصلا، ولكن لم نجد وسائل الاعلام تلك المتحاملة على قطر تقوم بفتح ملفات تلك الدول!!. قطر اليوم لا تمثل نفسها عند استضافة كأس العالم، بل هي تمثل امتها العربية والاسلامية، وتتحمل اليوم هذا الهجوم غير المبرر عليها دفاعا عن الحق العربي والاسلامي في استضافة مثل هذه الاحداث الرياضية الدولية، فلماذا نُمنع كأمة عربية من حق مشروع كسائر الامم في مثل هذه الاحداث؟. كان ينبغي على العرب الوقوف مع قطر، والدفاع عنها، كون هذا البلد العربي الاسلامي حمل على عاتقه التمثيل المشرف لهم في مثل هذه المحافل الدولية، رافضا القبول بما هو حاصل حاليا من استبعاد للدول العربية والاسلامية من استضافة احداث كبرى، متحملا في سبيل ذلك كل هذا الهجوم والمزاعم ومحاولات التشويه. كل الادعاءات التي ساقتها بعض الاطراف عن قطر غير حقيقية، حتى الطقس، فقد سبق ان اقيمت كأس العالم في المكسيك 1986 برطوبة قاتلة وحرارة وصلت في ايام الى 42، وفي امريكا في عام 1994 وصلت درجة الحرارة في بعض المدن التي اقيمت فيها مباريات الادوار الاولى الى 40 درجة مئوية، ولكن لا احد يتحدث عن ذلك.. في جميع الدول التي استضافت بطولات كأس العالم او قامت بتشييد ملاعب البطولات، مات خلال ذلك المئات من العمال، ولم يُسلط الضوء عليهم، بينما في قطر لم يبدأ بعد تشييد الملاعب وتتحدث بعض وسائل الإعلام الغربية والامريكية عن سقوط ضحايا!! وبالرغم من ان قطر قدمت ملفها على اساس اقامة البطولة حسب موعدها في يونيو / يوليو، ووعدت بتوفير تكنولوجيا جديدة وصديقة للبيئة لتكييف الملاعب ومناطق الجماهير، الا ان تاريخ بطولة كأس العالم يقول ان هذه البطولة اقيمت ايضا في اشهر اخرى غير المعتمدة فيها، كما حصل في شهر مايو اكثر من مرة. قطر جاهزة لاستضافة بطولة كأس العالم صيفا وشتاء، ليس لديها مشكلة في الزمان، وستثبت انها الأجدر باستضافة هذا الحدث، وستؤكد أن ثقة "الفيفا" عندما اختار قطر كانت في محلها..